تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن حصرنا أنفسنا فى نصوص القرآن فقط دون التطلع إلى ما وراءها من أحداث حياة موسى عليه السلام. فلماذا تذكَّر موسى فجأةً العقدةَ التى ذكرتها آية سورة "طه" هنا فقط؟ ذلك هو السبب فى قولى إنه من المحتمل أن تكون العقدة لغوية. هذا، ولا أحب أن أتساءل عن نوع اللغة التى كان يتفاهم بها فى أرض مدين، وكيف كان يستعملها بتلك السهولة التى ينبئ عنها تفاهمه السريع مع الفتاتين وأبيهما منذ أول لقاء، وإلا فلن أنتهى، وبخاصة أن ذلك الموضوع خارج عن نطاق بحثنا.

ومن المفسرين من قال إن سخرية فرعون من موسى وقوله إنه "لا يكاد يبين" لا تعنى أن موسى كان يعانى من حبسة فى لسانه أيًّا كانت تلك الحبسة، بل معناه أن فرعون لا يرى أنه، عليه السلام، قد أتى بشىء مقنع. وقد وجدت صاحب "مفاتيح الغيب"، الإمام الرازى، يقول بذلك فى أحد الرأيين اللذين أوردهما فى تفسير آية "الزخرف" حيث ذكر "أن فرعون إنما أراد بقوله: "وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ" حجته التي تدل على صدقه فيما يدَّعي، ولم يرد أنه لا قدرة له على الكلام". وإلى ذلك التفسير يشير الألوسى صاحب "روح المعانى"، إذ كتب قائلا: "ومَنْ ذهب إلى أن الله تعالى كان أجاب سؤاله حل عقدة من لسانه فلم يبق فيه منها أثر قال: المعنى: ولا يكاد يبين حجته الدالة على صدقه فيما يدعي، لا أنه لا قدرة له على الإفصاح باللفظ. وهو افتراء عليه عليه السلام. ألا ترى إلى مناظرته له ورده عليه وإفحامه إياه؟ ". وعلى أساس من ذلك التفسير قال محمد أسد، فى آخر تعليقه بالهامش على آية "الزخرف"، إنها: " An allusion to the impediment in speech from which Moses suffered (cf. 20:27-28 and the corresponding note 17), or perhaps to the contents of his message, which to Pharaoh appeared unconvincing". وفى نفس الاتجاه يجرى أبو الأعلى المودودى، الذى لم يورد الرأيين باعتبار كل منهما صوابا محتملا، بل اختار الرأى الثانى وحده على سبيل الحسم، رافضا الأول بكل قوةٍ بناءً على أن الله قد ذكر فى سورة "طه" أنه عز وجل قد استجاب دعاء نبيه موسى بأن يحل عقدة من لسانه: " Some commentators have expressed the opinion that Pharaoh referred to the impediment of speech from which the Prophet Moses suffered since childhood. But this is not a correct opinion. As has been mentioned in Surah Ta Ha above, when the Prophet Moses was being appointed to Prophethood, he had implored Allah Almighty to remove the defect from his tongue so that the people might understand his speech, and at that very time his request had also been granted along with his other requests (vv. 27-36). Moreover, orations of the Prophet Moses that have been cited at different places in the Qur'an, point to his perfect eloquence and fluency. Therefore, the basis of Pharaoh's objection was not any impediment of speech from which Moses might be suffering but what he meant was: "This person talks confusedly at least I have never been able to understand what he says.".

وهذا تفسير وجيه، ولكنه ليس لازما، إذ من الممكن أن نفسر الأمر تفسيرات أخرى وجيهة أيضا فنقول إن موسى، عندما طلب من ربه ما طلب بشأن العقدة، قد قال: "واحلل عقدة من لسانى ولم يقل: "واحلل العقدة التى فى لسانى"، وهذا معناه أنه، لأمر أو لآخر، لم يخطر له أن يطلب فك العقدة أو العقد التى فى لسانه تماما، بل فكَّ عقدةٍ منه فقط أيا كانت طبيعة تلك العقدة، أى سواء كانت عقدة لغوية أو عضلية أو نفسية أو بلاغية. وهو ما تحقق، إذ قال فرعون إنه "لا يكاد يُبِين"، ولم يقل إنه لا يُبِين بتاتا. وثمة فرق بين هذا وذاك كما هو واضح لكل من يتذوق اللغة العربية. وقد وجدت الزمخشرى حين رجعت إليه بعدما كتبت ما كتبت هنا يقول: "وفي تنكير العقدة، وإن لم يقل: "عقدة لساني"، أنه طلب حلّ بعضها إرادةَ أن يفهم عنه فهما جيدا، ولم يطلب الفصاحة الكاملة. و"مِن لِّسَانِى" صفة للعقدة، كأنه قيل: عقدة من عقد لساني"، فسرنى سرورا شديدا هذا التوافق بينى وبين ذلك الجهبذ الكبير. وفى "مجمع البيان" للطَّبَرْسِىّ منسوبا إلى أبى على

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير