ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Apr 2010, 10:34 ص]ـ
و نظراً لطول البحث المذكور؛ أحببتُ أن أورِد في فقه الآية الكريمة كلاماً موجَزاً - شافياً كافياً؛ بإذن الله -للإمام الشافعي - رحمه الله -، في (باب إتيان النساء في أدبارهن) - مِن كتابه " الأم "
(قال الشافعي) رضي الله عنه: قال الله عز وجل: {نساؤكم حرث لكم} الآية.
(قال الشافعي): احتملت الآية معنيين:
•أحدهما: أن تُؤتَى المرأة من حيث شاء زوجها لأن {أنى شئتم} يبين أين شئتم لا محظور منها، كما لا محظور من الحرث،
•واحتملت أن الحرث إنما يُراد به النبات، وموضع الحرث الذي يُطلب به الولد الفرج دون ما سواه، لا سبيل لطلب الولد غيره؛ فاختلف أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن: فذهب ذاهبون منهم إلى إحلاله، وآخرون إلى تحريمه، وأحسب كِلا الفريقيْن تأولوا ما وصفتُ من احتمال الآية على موافقة كل واحد منهما.
• (قال الشافعي) فطلبنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوجدنا حديثيْن مختلفيْن، أحدهما ثابت، وهو حديث ابن عيينة عن محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: كانت اليهود تقول مَن أَتى امرأته في قُبُلها مِن دُبُرها، جاء الولدُ أحول؛ فأنزل الله عز وجل: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.
(أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي) قال أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع قال أخبرني عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح أو عمرو بن فلان بن أحيحة بن الجلاح - أنا شككت (يعني الشافعي) - عن خزيمة بن ثابت: (أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إي حلال، فلما ولَّى الرجلُ دعاه أو أمر به فدُعِي، فقال: كيف قلت؟ في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمِن دبرها في قبلها؛ فنعم، أم مِن دبرها في دبرها؛ فلا، فإن الله لا يستحي من الحق، لا تاتوا النساء في أدبارهن ")
قال: فما تقول؟ قلت: عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أخبرني محمد عن الأنصاري المحدث بها أنه أثنى عليه خيرا، وخزيمة ممن لا يشك عالم في ثقته؛ فلست أرخص فيه، بل أنهى عنه. اهـ
* * *
* فالآية {فأتوا حرثكم أنى شئتم} عامةٌ، و خُصِصَتْ بالحديث: " لا تأتوا النساء في أدبارهن "
أو هي مِن العام المُرادُ به الخصوص؛ لأن الحرث إنما يُراد به النبات، وموضع الحرث الذي يُطلب به الولد الفرج دون ما سواه، لا سبيل لطلب الولد غيره؛ كما ذكر الشافعي
و على كِلا الاحتماليْن؛ فالنهيُّ عن ذلك الإتيان متحقق.
و الحديث أخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن عبد الله بن علي بن السائب حدثه أن حصين بن محصن حدثه أن هرميا حدثه أن خزيمة بن ثابت حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
و كذا أخرجه أحمد في " مسنده "؛ قال: 22496 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ لاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِى أَدْبَارِهِنَّ». تحفة 3530 معتلى 2315
و بَوّب ابن حبان في صحيحه - (9/ 516):
(ذكر الخبر المدحض قول من زعم إباحة إتيان المرء أهله في غير موضع الحرث)
- أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا يعقوب القمي قال حدثنا جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: (جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت. قال: وما أهلكك؟ قال: حولت رحلي الليلة، قال: فلم يرد عليه شيئا، فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}. يقول اقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة).
و يؤيد هذا ما أخرجه أحمد في مسنده؛ قال:
¥