تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كل شيء من حولنا يدور بانتظام

من قبلنا يدور بانتظام

وكل ما نبصره يخضع للناموس

ثم ننظر كيف يعمل البشر

خليفة الأرض والتعمير

هو الوحيد الذي يزعم الخروج على ذلك النظام

فيحطم نفسه على صخرة النظام

في هوة سحيقة القرار

حتى العصافير في فلك تدور

لكنه يزعم أنه كبير

أكبر من هذه الجبال

أوسع من تكلم الصحراء وظلمة البحار

ما أجمل أن ندور في ظل هذا العالم الرحيب

ندور بانتظام

فنشرب الرحيق من كل أزهار الحياة!

[/ SIZE]

نادراً ما تستوقفني مثل هذه الخواطر الأدبية التي يسمونها شعراً منثوراً، ولكنني توقفت كثيراً عند ما كتبته وفقك الله في هذه الحلقة، وقرأتُ فيه معاني المعاناة والغربة وأثرها في نفسك، ولكن الحمد الله الذي جعل عاقبتها خيراً، وأسأل الله أن يجعل عاقبتكم في الآخرة خيراً، والله لا يضيع أجر المحسنين. وهذه ثمرة الأدب، وكيف ينجح في تصوير لحظات الحزن والألم إذا كانت التجربة الشعورية صادقة حقاً، بغض النظر عن القالب الذي خرجت فيه تلك الصور.

زيارة خاصة

الأحد 26 كانون الثاني 1975م = 14 محرم 1395هـ

خرجنا من الشقة حوالي السابعة صباحاً، خلاف الأيام السالفة، كنا مسرعين، وركبنا بتكسي إلى ميدان رمسيس، وانتظرنا قليلا حتى حضر الأخ محسن وركبنا القطار إلى العرب .. وفي الطريق قبل أن نخرج من أطراف القاهرة توقف القطار في إحدى المحطات، وإذا برجل ينادي علينا أن انزلوا بسرعة، وإذا بسيارة تكسي تنتظرنا وركبناها كنا خمسة، فراحت تتهادى مبتعدة عن القاهرة، تارة تمر في وسط حقل من التين الشوكي، وأخرى وسط مزرعة للبرسيم، وثالثة وسط بستان من النخيل والفواكه، أو قرب معمل دخانه يعصف، أو في طريق وسط أرض جرداء على ضفاف نهر، وانتهينا إلى العرب بيوت تشبه بيوت قُرَانا في العراق، كان الأطفال مندهشين ومتعجبين بالسيارة، فهم يجرون خلفها، البساطة والفطرة، وإذا نحن أمام عالم آخر غير عالم القاهرة، أحاديث عن الماضي والحاضر، وتطلعات إلى المستقبل، وكأننا في حلم يتجاوز حدود الزمن، ونعبره عبر الماضي إلى عشرات من السنين الماضية لكي نلتقي بالذكريات والرجال صانعي تلك الذكريات، فتأخذنا نشوه عظيمة، وننصت إلى الأحاديث التي سمعناها ولأول مرة نسمعها بهذا الوضوح والبساطة، كانت تلك الكلمات قد ملكت علينا قلوبنا وأسماعنا فلا زلنا منصتين حتى آذن الوقت بالانقضاء، وانطلقت بنا السيارة إلى القاهرة مرة أخرى، ودخلنا أطرافها والنجوم قد بدت واضحة، وضمنا ليل القاهرة، لكن تلك الذكريات لا يمكن أن يغطيها ليل أو يمحوها نهار.

[/ SIZE]

أين هي هذه المنطقة يا أبا عبدالله، وليتك توضح لنا المقصود فلم يظهر لي.

في معرض الكتاب

الجمعة 31 كانون الثاني 1975م = 19 محرم 1395هـ

افتتح مساء يوم الأربعاء الماضي معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكان قد افتتح في السنة الماضية في مثل هذا الوقت أيضاً، ذهبت أمس أنا والأخ خليل منذ الصباح، وظللنا نمتع النظر والفكر في هذه الأعداد الضخمة من الكتب، في كل اللغات ومن مختلف الدول عربية وأجنبية، واشتريت بعض الكتب ذات المساس بموضوع القراءات وتاريخ القرآن، ولعل أجل الكتب التي اشتريتها: كتاب التيسير لأبي عمرو الداني، وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري، وكتاب نكت الانتصار للباقلاني، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد، مع مجموعة أخرى من الكتب، ولكني أجد نفسي هذه السنة أقل اندفاعاً في شراء الكتب، ربما لأنني أستحضر دائماً قصة شحنها، أو لأن الكتب الجيدة في نظري على الأقل نادرة، أو لأن الكتب هذه السنة أكثر غلاء، وكذلك كنت أحس أن حركة الناس في المعرض أكثر فتوراً من السنة الماضية وأقل عدداً، ويبدو أن الكتب الجديدة أيضاً قليلة، مع ارتفاع الأثمان، والنغمة السائدة الآن في مصر لا بل في العالم كله هي أزمة الورق، فقد تضاعف ثمن الورق بكل أنواعه مع قلته، ويذهب نتيجة ذلك وضحية له القارئ الفقير والعِلْمُ الثمين، إذ تتاح الفرصة لنشر الكتب الجذابة البراقة التي تجذب القراء، أما الكتب الرصينة والعلمية فيبدو أنها أقل رواجاً، مما يزهد الناشرين في طبعها والمؤلفين في بذل الجهد لكتابتها، ولا أدري ما علة هذه الأزمة الورقية وما علاقة النفط بها، ولكن الغلاء يعم كل شيء في هذه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير