تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأخ عايش، الذي أنهى الآن الماجستير في كلية الحقوق، بعد أن نجح في امتحان الدبلومين، وينتظر التسجيل في قسم الدكتوراه في الحقوق أيضاً، وهو يعمل في العراق في الأوقاف خطيباً وإماماً لجامع الحيدرخانة في بغداد.

لعل هناك أحداثاً عظيمة تدور الآن في المجتمعات العربية والإسلامية والعالم تستحق التسجيل أو الإشارة ولكني أوثر تسجيل ذكرياتي الخاصة، لعلها تكون مؤنسة لي في ساعة الوحشة، والله المستعان.

متاعب

السبت 15 شباط 1975م = 4 صفر 1395هـ

خرجت صباح اليوم على عجل، ووقفت أنتظر الأتوبيس رقم 190 الذي يأتي من إمبابة ويذهب إلى الدرَّاسة مارًّا بالأزهر، وجاء وإذا الناس معلقون بالأبواب، قلت أنتظر التالي، ومر أكثر من نصف ساعة وجاءت السيارة الثانية وكانت كالتي سبقتها، ولكني كنت مرغماً على التعلق بالباب وقطعت تذكرة، وطلب منا الجابي (الكمساري) أن ننزل ونصعد من باب النزول الأمامي فربما يوجد فراغ، نزلنا اثنان أو ثلاثة، وما كدت أقف في مقدمة السيارة حتى وجدت الجابي يصعد من أمام ويصيح بعصبية ويطلب قطع تذكرة، ولما مددت يدي تناولها بسرعة وأمسك بالتذكرة التي قطعها لي وأعتذر بأنه شك، وقفت السيارة في إشارة للمرور وكانت أمامها سيارة تكسي قد ارتكب سائقها مخالفة، وحاول الشرطي أن يسجل عليه محضراً ولكن سائق السيارة مد يده إلى الشرطي ببضعة قروش فأعفاه، وصلت بعد جهد وجهاد إلى مكتبة الجامع الأزهر، وإذا بالقاعة مظلمة: (النور مأطوع)، وتذكرت أنه انقطع ظهر يوم الأربعاء الماضي، وكنت قد حضرت الخميس، وكان أيضاً مقطوعاً، واليوم مقطوع أيضاً، والموظفون مكدسون على المناضد يطردون الطلاب، وبعد كلام غير مُجْدٍ مع الموظفين خرجت إلى مكتبة المشهد الحسيني التي تبيع أكثر ما تبيع المصاحف، كنت قد استوهبت مصحفاً بالخط المغربي، وكانت لديهم طبعتان، وأردت أن أبدل الطبعة، وبعد أخذ ورد مع صاحب المكتبة خرجت من غير عمل شيء، وقلت لأذهب إلى دار الكتب في البناية الجديدة لأطلع على بعض المخطوطات، وكنت هناك في الساعة الحادية عشرة، ومكثت أكثر من ساعتين، وخرجت وإذا بالموظف يطلب تفتيش ما أحمله شكاً منه بأني سرقت مخطوطاً! وعدت إلى البيت، وحاولت في المساء أن أدرس ساعتين، أو ثلاثاً .. وبين تنظيف الأواني وأمور تافهة أخرى وأخرى جادة انتهى اليوم، وأويت إلى الفراش، وأنا أنتظر الفراغ من هذه السطور لأنام!

أمسية جميلة

الأحد 16 شباط 1975م = 5 صفر 1395هـ

حين تمضي الأيام والمرء يتعامل مع عامة الناس هنا في القاهرة فإنه يصاب بخيبة أمل كبيرة لفساد هذه العامة، أينما تتجه لا ترى إلا تهاون الناس واستشعارهم الذل والمهانة أمام بريق الدنيا ورنين الفلوس، ولكن بين الحين والحين كانت تنتشلنا من هذه المشاعر ومن اليأس والقنوط نقلات كأنها الحلم لكنها واقع، ربما قبل شهر كانت إحدى تلك النقلات عندما خرجنا خارج القاهرة إلى بلدة (العرب) واليوم كانت نقلة أخرى، فقد كان الإخوة سعد و عبد المهيمن قد أكملا الدراسة في الكلية الطبية، وأقاموا مأدبة عشاء دعونا إليها، وكانت لقاء رائعاً، فقد حضر إخوة لنا من هذا البلد غسلوا هذا الهباب الذي يغطي وجه مصر، وقدموا صفحة من واقع مصر لا يكاد المرء يتصور أنها موجودة، ويحس المرء أنه تحت ضغط هذا الواقع البائس المضطرب المنحل تكمن عوامل بقاء المجتمع وعوامل بناء الغد المنشود، وأن هذا الرماد لا يمكن أن يخفي جذوة النار إلى الأبد، ولكن تظل الأمور على كل هذا القدر من الغموض حتى يأذن الله بالجولة الفاصلة التي ينتصر فيها الحق على يد القلة المؤمنة الخيرة، ويندحر الشيطان وأخلاقيات الطواغيت، وكأن ساعة تلك الجولة لم تحن بعد!

التراث المخطوط

الاثنين 17 شباط 1975م = 6 صفر 1395هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير