تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صلاة الفجر مرة أخرى

الخميس 20 شباط 1975م = 9 صفر 1395هـ

لم أشعر بارتياح قط مثل تلك الأيام التي كنت أصلي فيها صلاة الفجر في وقتها قبل طلوع الشمس، فإني كنت أشعر بفرحة داخلية عظيمة كل يوم كنت أصلي فيه الفجر في وقتها، ولكن ما أقل تلك الأيام منذ نزولي في القاهرة، وكنت في الأيام التي تطلع الشمس وأنا نائم أظل طيلة اليوم أحس بأني مقصر وأشعر أن بركة عمل ذلك اليوم تذهب، ولا تزال الحال كذلك وأنا أُمَنِّي النفس وأقول إن المستقبل كفيل بوضع حد لهذا التهاون، ولكن من الذي يضمن لك المستقبل؟ من الذي يضمن لك اليوم أو غد، وأنت بلغت مبلغ الرجال؟ أجل فقد ودعت أيام الصبا التي قد يحصل معها الإهمال، ولكن ما العذر الآن وقد جاوزت الخامسة والعشرين، ثم إني الآن أعد نفسي لخدمة القرآن، وليست كذلك أخلاق حملة القرآن، ألا فانتبه، وعاهد الله في مستقبل الأيام، واغتنم هذه الفرص قبل فوات الأوان (يوم يعض الظالم على يديه)، وعندها تتذكر قوله تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)، فاغتنم هذه الأيام إن كتب الله لك فيها حياة، اللهم إني راجع فأعني على طاعتك، اللهم إني تائب فإن قضيت أجلي قبل هذا الصباح فاغفر لي و?ؤجرني أجر التائبين، اللهم وبارك لي في عملي واجعله لك لا أبغي به جاهاً ولا دنيا، اللهم وعلمنا أحب الأعمال إليك وأعنا على أدائها، اللهم اقبل هذه التوبة وأعني عليها إنك أنت الغفور الرحيم!

أحاديث الوحدة العربية

السبت 22 شباط 1975م = 11 صفر 1395هـ

منذ أن تفتحت عيناي وأبصرتا الناس بوضوح، وسمعت أذناي ما يهرج به الناس، ومنذ أن عَقِلْتُ بعض الأمور، كانت لفظة الوحدة تتردد على مسامعي، كنا طلاباً في الدراسة الابتدائية ثم المتوسطة والثانوية، فنشارك مع الجم الغفير من الناس يقودهم عتاة مجرمون يرددون شعارات كاذبة جوفاء: الوحدة العربية، وأحياناً الحرية، وأخيراً ثالوثهم المقدس: الوحدة والحرية والاشتراكية، ويمكن أن تُقْرَأَ على غير هذا الترتيب في غرب العالم العربي، وحدثت الوحدة بين مصر وسوريا سنة 1958 وتحطمت، ثم سنة 1963 بين العراق وسوريا ومصر وماتت في مهدها، ثم بين مصر وسوريا وليبيا والسودان وظلت حبراً على ورق، وكلام فارغ كثير حول الوحدة القومية، وقلوب الناس متباعدة وأطماعهم متضاربة ومتعارضة وأحقادهم لا حد لها، والأعداء يُنَمُّونَ الدعوات المريضة، إن وحدة بدون عقيدة تحيطها ستنقلب وبالاً على أهلها من أول يومها، وما أثار في نفسي هذه المعاني وتلك الذكريات ما جرى اليوم من عطلة في المدارس والجامعات بمناسبة ذكرى الوحدة مع سوريا، والتي كانت نهايتها محزنة، والحديث عن الوحدة والاتحاد كثير، يجري على لسان أكثر رؤساء الدول العربية وكأنها المُهَدِّئُ الذي ينفثونه في أسماع الناس يلهونهم به إلى حين، ويَذُرُّونَ في عيونهم الرماد والملح حتى لا يبصروا بعض ما يدبرون وما بأيديهم يجرحون، كلام كثير في هذا الشرق المسكين أهله.

الشاهد

الاثنين 24 شباط 1975م = 13 صفر 1395هـ

حين يحصي المرء المصلين الذين يؤمون المساجد لصلاة الجمعة فإنه سيندهش للرقم الذي يصل إليه، عدد ضخم ذلك الذي نشاهده كل جمعة في أي مسجد نصلي فيه في القاهرة، والحال كذلك في غير القاهرة، وغير مصر من بلاد العرب والمسلمين، ولكن هنا يظهر سؤال كبير: ما هو الدور الذي ينتظر هؤلاء القيام به أو ما هو الواجب المكلفون به؟ وهل أن حضورهم صلاة الجمعة وصيامهم رمضان وذهابهم للحج هو وحده كاف أو فيه إجابة كاملة لدعوة الله أو إقامة حكمه وتطبيق شريعته، كان ذلك التساؤل مدار بحث ونقاش بل وجدل مع أحد الإخوة، فهو يرى أن دور المسلم الآن هو دور الشاهد، ثم ينتقل من ذلك إلى وجوب عرض النموذج الكامل للمسلم، ولو كان ذلك في ظل الجاهلية، وأن كل محاولة أو تفكير في حكومة إسلامية يعتبر خروجاً على واقع العصر ومحاولة للقفز في الهواء، واستعجالاً للأمور قبل أوانها، وهو يرى أن موعد ذلك لم يحن بعد، وأنه لم يلمس من الحكومات ضغطاً على المسلمين في أداء شعائرهم، وهذا هو مفترق الطرق، هو يرى أن الإسلام يمكن أن ينحصر في شعائر التعبد وأن الحكومة الإسلامية ليست شرطاً في ذلك، ولكن أليس تعطيل شريعة الله في إقامة الحدود وتحكيم شرع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير