تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله في أمور الناس أليس ذلك نقضاً لركن عظيم من أركان الإسلام، أليست المعاناة اليومية التي يعانيها المسلم جراء اضطراره للتعامل مع مجتمع جاهل توجب التغيير، ألم يأمر الله تعالى أمراً واجباً بالجماعة التي تقيم الشرع وتحمل الناس على اتباع منهج الحق، لكنه يرى أن موعد ذلك لم يحن بعد، ولكن مع ذلك فإن عدم التفكير فيه يعد تقصيراً وقصوراً في فهم أبعاد هذا الدين الحنيف.

خطبة الجمعة

الجمعة 28 شباط 1975م = 17 صفر 1395هـ

ربما لم أسمع في حياتي خطبة جمعة أثرت في نفسي والحاضرين كالتي سمعت اليوم، كان مسجداً صغيراً تحت إحدى العمارات القريبة، لكنه نظيف والقائمون عليه أناس طيبون كما يبدو، مسجد عمر بن عبد العزيز في حي الإعلام في القاهرة، كنا نصلي فيه بعض الأوقات وبعض الجمعات، وكان أن ذهبنا اليوم لصلاة الجمعة فيه، ليس فيه خطيب دائم وإنما يتناوب على الخطبة فيه عدد من الخطباء، كان خطيب اليوم جديداً علينا ولأول مرة نراه، كان كهلاً قد غلب الشيب على لحيته القصيرة، وهو يلبس لباس الحضارة العصرية، وعلى رأسه طاقية بيضاء خفيفة، موضوع الخطبة كنت قد سمعته أكثر من مرة من عدة خطباء لكن هذه المرة سمعت ما لم أسمعه من قبل، كان الحديث يدور حول قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، والله خبير بما تصنعون، وقل للمؤمنات ... ) غاص في الأعماق ونثر الدر وتناثرت دموع الحاضرين، وراح كل يعاهد نفسه ويجدد التوبة بالإقلاع عن شيء مما نهت عنه الآيات، والتزام ما أمر الله به، كان يتكلم بصراحة عن مشاكل ومفاسد الناس الاجتماعية الأخلاقية ويضع مقابلها فضائل الدين وفضائل المسلمين، النقاء والطهر مع الإيمان، والقذارة والرذيلة مع الكفر، خرجنا من الصلاة ونحن شبه ذاهلين، والخطيب يقول أثقلت على المسلمين وهم ينادون جزاك الله عنا خيراً، الإسلام لا يحتاج إلا إلى الفرصة التي يظهر بها على الناس بنصاعته ونقائه فيسلمون، ولكن أين تلك الفرصة وأين جنودها؟

متعة السباحة في المحيط!

السبت 1 آذار 1975م = 18 صفر 1395هـ

كأني قد غصت في بحر تصطخب لججه، ويتباعد قراره، وتمتد جنباته، منذ أن بدأت البحث في موضوع (رسم المصحف) وقد مضت اليوم أربعة أشهر على بداية البحث، وكلما مرت الأيام كلما وجدت نفسي أسبح في محيط أوسع، واحتاج إلى يد أطول وتجديف أسرع، ولكني بدأت أحس أني قد قطعت بعض الشوط، بعد أن استنفدت كثيراً من مصادر البحث الرئيسية، وبعد أن كدت أستنفد ما عثرت عليه من كتب مخطوطة تتعلق بالبحث، وقد كانت رحلة طويلة وممتعة عبر العديد من المخطوطات: فضائل القرآن لأبي عبيد، ثم جمال القراء للسخاوي، وجامع البيان لأبي عمرو الداني، ثم عقيلة أتراب القصائد وشروحها الكثيرة، لكني آثرت دراسة شرحين: أولهما شرح علم الدين السخاوي تلميذ الناظم والثاني شرح الجعبري إذ هو أوسع الشروح، وقد أكملت نسخ القصيدة، وسأظل إن شاء الله طيلة هذا الشهر أتردد على دار الكتب ومكتبة الأزهر، حتى أستنفد كل ما يمكن أن أستفيد منه من الكتب المخطوطة لأتفرغ لما ينتظرني من كتب مطبوعة، وخاصة في موضوع الكتابة والقراءات، ولكني رغم ما أنجزته من خطوات في البحث أشعر أن الطريق لا يزال طويلاً، وأن نهايته غير واضحة تماماً، وإن كنت قد اطمأننت إلى بعض النتائج الآن، لكن التفاصيل لا تزال طي الغيب، والله المستعان.

عوائق

الأحد 2 آذار 1975م = 19 صفر 1395هـ

ليس للوقت قيمة في هذا البلد، فالموظف الذي يتربع عرش المسؤولية في دائرة ما تشعر أنه يعاملك بمستوى التفضل والإحسان لا من مبدأ الواجب والإلزام، خرجت في الصباح متصنعاً السرعة قاصداً دار الكتب المصرية، فلا تزال بعض المخطوطات التي أجد من الضروري الاطلاع عليها أو بعضها، ربما كنت أول داخل إلى قسم المخطوطات، وجلست أنتظر قدوم الموظف الذي يناول الكتب، وقدمت الطلب، وبعد وقت من الانتظار، رجع ليخبرني أن باب مخزن المخطوطات مقفول، وأن المفتاح أو القفل عطلان، ويجب الانتظار لحين حضور (الباش مهندس) بعد يوم أو يومين حتى يصلح الباب، ووجدت نفسي مجبراً على الخروج، قلت لعلي أستطيع أن أستفيد من بقية هذا الصباح، وركبت الأوتوبيس مُعَلَّقاً على الباب، ونزلت في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير