العتبة لأركب مرة أخرى أو أمشي ربع ساعة، ركبت إلى مكتبة الأزهر، ودخلت المكتبة، كنت قد غادرتها من قبل، منذ وقت طويل عندما كان النور مقطوعاً، وتذكرني الموظفون، وطلبت كتاباً ولم تمضِ إلا برهة من الوقت حتى نادى المنادي تفضلوا يا أسياد الساعة الواحدة والنصف، وخرجت من المكتبة، ولم أكن قد كتبت إلا الشيء اليسير، وعدت إلى البيت متعباً، وتتكرر هذه الحالة تقريباً في أكثر الأيام، تقوم المعوقات في طريق الحصول على المصدر النافع، وإني أشعر أن وقتاً كثيراً يذهب من غير فائدة، ولكن ليس إلى غير ذلك سبيل.
الشروح المتأخرة!
الاثنين 3 آذار 1975م = 20 صفر 1395هـ
شعرت أني قضيت مع بعض المخطوطات أكثر مما يجب، أو أكثر مما يمكن أن يحقق القدر القليل من الفائدة التي استفدتها منها، ولا شك في أن بعضها كان يستحق وقفة أطول، ولكن كل الكتب المتأخرة (4) كان يمكن أن أضرب عن أكثرها صفحاً، وخاصة شروح العقيلة، التي كان يمكن أن أقتصر منها على شرحين اثنين هما شرح السخاوي وشرح الجعبري، ومع أني اعتمدت عليهما أساساً إلا أني أنفقت وقتاً طويلاً مع غيرهما، وقد أنفقت حوالي الأسبوع في نقل قصيدة الشاطبي في الرسم من بعض المخطوطات، إذ كان جهدي كله متجهاً لإنجاز نقل نص القصيدة في الأسبوع الماضي، ولكن عندما ذهبت اليوم إلى مكتبة الحلبي وسألت عن القصيدة التي عرفت أنها طُبِعَتْ عندهم، قدموا لي شرح ابن القاصح لها متضمناً النص، عندها ندمت على تلك الجهود وذلك الأسبوع المُضَاع من العمل، ومع ذلك فإن الذي نقلته كان كثير الغلط، بالنسبة إلى هذه النسخة المطبوعة، ومن هنا بدأت أصرف النظر عن بعض المصادر التي أجدها لا تمت إلى البحث بصلة قوية أو أنها تمثل تكراراً واجتراراً لأمور قد قيلت، ومع ذلك فإني لا أزال أشعر بحيرة حول ما يجب أن أنهجه في العمل في مستقبل الأيام، والجهة التي يجب أن أركز الجهد عليها، ولا بد من تجميع تصور موجز لخطوات العمل اللاحق، إن شاء الله.
الطير الهائمة
الثلاثاء 4 آذار 1975م = 21 صفر 1395هـ
الطير هائمة تحوم في السماء
ليس لها في الأرض مهبط
قد عافت الأرض من نتن الدماء
من الوحوش الضاريات من البشر
من لهب تأجج يحرق أزهار الربيع
وتطلعتْ نحو السماء لعلها تصل النجوم
ورفرفت بجناحها خلف السحاب
قد غاب عنها منظر الأرض الحزين
حتى الطيور لم تعد تحتمل العيش في هذي الربوع
فالناس قد قتلوا بسمة الطفل الوليد
وأماتوا نشوة الروح
أماتوا سر الحياة
زيارة مريض
الأربعاء 5 آذار 1975م = 22 صفر 1395هـ
خرجت في الصباح على مهل، إذ إن ورقة الكفالة الخاصة بالمنحة المالية الخاصة بي قد وصلت إلى الملحقية الثقافية العراقية، كما علمت، وخرجت اليوم لإنهاء ما تحتاج إليه المعاملة، وصلت الملحقية، والتقيت عند الباب برجل اسمه عبد الملك من بيت (وَيِّس) من تكريت، جاء حديثاً موظفاً في الملحقية العسكرية، وبعد كلام وسلام عرض علي المساعدة قبل أن يخرج على حد قوله، فشكرته ودخلت، واستفتحت بتلك الوجوه غير المريحة التي تقف على باب الدخول، ينهرون الناس بطريقة مهينة، ولما كان أكثر المراجعين للسفارة هذه الأيام من المصريين: مهندسين وسواقين وزراعيين، فقد أطال ذلك ألسنة هذه الشرذمة القليلة، وحاولت بكل حذر تفادي أي غلط قد يوقعني في مشادة معهم، ودخلت وإذا بالأمر لا يحتاج إلى أكثر من توقيع، ودفع نصف جنيه مصري، وسوف تُعَادُ الكفالة إلى بغداد ليبعثوا من هناك بإذن الصرف الذي من المقرر أن يكون نافذاً من 18/ 12/1974، وقبل مغادرة السفارة سألت عن السيد (س) الذي سمعت أنه قد وصل إلى القاهرة منذ زمن يسير قنصلا في السفارة، وعلمت أنه قد مرض وأنه في المستشفى، فأخذت عنوان المستشفى (الإيطالي) وذهبت لزيارته، وقد وجدته قد برئ من إصابته ويوشك أن يخرج من المستشفى خلال يومين، ولم أكن قد اختلطت معه في بيجي، إلا أني وجدته لطيفاً، رغم ما يبدو عليه من الرقة في الدين.
عملية فدائية في تل أبيب
الخميس 6 آذار 1975م = 23 صفر 1395هـ
¥