تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا بد له أيضا من دراسة ومعرفة بالأدب العربي نفسه، وهنا نذكر أن ابن عباس عندما كان يريد تفسير القرآن كان يستعين بالشعر العربي؛ لأن القرآن نزل في بيئة كان الشعر فيها ينشر ألفاظ اللغة ومعانيها وعادات العرب في الحديث والكلام.

ولكن المؤسف أن ترجمة القرآن إلى اللغة الإنجليزية، أو باقي اللغات الأوروبية، لم تبدأ إلا في وقت قريب، رغم أنه ترجم في القرن الثاني عشر إلى اللاتينية من مترجمين غربيين، أي بعد خمسمائة سنة تقريبا من نزول القرآن، أي ظل الأوروبيون هذه المدة لا يعرفون عن القرآن شيئا من أصله، وإنما مجرد إشاعات، ومضى عليه أربعمائة سنة أخرى وهو في خزانات الكتب لا يطلع عليه إلا قليل جدا من الكنسيين خوفا من أن يطلع عليه العامة ويتحولوا إلى الإسلام بعد قراءته.

ثم في عصر الطباعة حاول بعض الغربيين ترجمته وتدخلت الإدارة المحلية، وقبضوا على صاحب الترجمة، وصادروا الترجمة إلى أن تدخل "مارثر لوثر"، وهو عالم كبير في الكنيسة، وقال إنه لا حرج من وجود الترجمة، ومرت قرون ومن أراد أن يترجم القرآن يبرر للناس بقوله: لا تخشوا من الترجمة؛ لأن هذا كلام ساقط، وديننا العظيم وكتابنا المقدس كفيل بأن يمنع أي إنسان أن ينصرف إلى دين محمد هذا.

وظل المسيحيون واليهود هم الذين يترجمون القرآن إلى أواخر القرن التاسع عشر، ثم قام المسلمون في الهند بعد انتشار الإنجليزية بترجمة القرآن، وكان لهم فضل كبير في هذا، حيث كان العرب في سبات عميق، وكانت مراكز العلم الإسلامي مثل الأزهر والزيتونة والقرويين لا تهتم بترجمة القرآن إلى الغربيين، وبعضهم كان يقول: إن هؤلاء قوم هالكون، ولا فائدة من الحديث إليهم.

كما أن علماء الدين لم يكونوا يتقنون اللغات الغربية؛ لأنهم انصرفوا إلى الاشتغال باللغة العربية وإتقان العلم الإسلامي، ولكن بعد أن احتلت البلاد العربية وكثرت الأسفار وتعلم الناس وأصبح لدى الأمة العربية أبناء يتقنون اللغة الإنجليزية، ولكن كانوا في البداية أطباء ومهندسين وإداريين، ولم يكونوا من أهل العلم الديني.

وفي القرن العشرين جاء الشيخ المراغي وأثيرت المسألة وهو على رأس الأزهر، رغم وجود أناس يرون حرمة الترجمة، ويظنون أن على كل إنسان يريد معرفة القرآن أن يتعلم العربية، وهذا كلام خيالي.

وإذا حاولنا مع "المستر بوش" نفسه أن نعلمه من اللغة العربية ما يدرك به معاني آيات القرآن الكريم مثل سورة البقرة والنساء والفاتحة فسيمضي وقت طويل ليتقنها، ويكون قد غادر البيت الأبيض و"خلص" نفسه من تعلم اللغة العربية.

وفي عصر المراغي، كان من حسن الحظ أن رجلا من بريطانيا (أسكتلندا) أسلم، وكان أبوه قسيسا، ولكنه أسلم بعد اتصاله بالمسلمين، وبدأ يترجم القرآن، واتفق الشيخ المراغي مع غيره من العلماء أن يضعوا رهن إشارته "محمد الغبراوي" لمساعدته في الترجمة لتكون سليمة في اللغة الإنجليزية، وكانت هذه أول ترجمة يقوم بها مسلم بريطاني.

وبعد الحرب العالمية الثانية، ومع وصول جماعات كبيرة من المسلمين إلى الغرب للعيش فيه بعد انتهاء عصر الاستعمار، وأصبح لكل مهاجر من بلاد "الكومنولث" الحق في أن يستقر في بريطانيا، وهاجر كثير من المسلمين إليها، رغم أنهم كانوا فقراء ومتواضعي المعرفة في البداية، لكنهم توالدوا وأصبح أولادهم من البريطانيين أنفسهم ويتعلمون الإنجليزية، ويدخلون المدارس، ويتخرجون في الجامعة، فأصبحنا أمام جيل جديد - وشخصيا قضيت في الغرب أكثر من أربعين سنة - واتجه بعض المسلمين إلى الإدلاء بدلوهم في هذا المجال، وكان من توفيق الله سبحانه أني اتجهت إلى هذا الاتجاه، وترجمت ترجمة يقول عنها المسلمون وغير المسلمين، والحمد لله، إنها فتح جديد في الترجمة.

مشروع الجمل لا الحصان

* كانت ترجمة القرآن تتم بمجهودات فردية، لكن هناك دعوة إلى ضرورة إنجاز الترجمة بشكل جماعي؛ نظرا لوجود علوم متداخلة فيما جاء به القرآن، كيف تنظرون إلى هذا الرأي؟

- هناك مثل في إنجلترا يقول: "إن الحصان هو جمل رسمه مجموعة"، لهذا إذا بدأت لجنة من الصفر فهذا لا يجدي ولا يصح، ورأيي أن يترجم فرد ثم يقرأ العمل آخرون ويقترحوا ما يشاءون.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير