تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- على المترجم أن يترجم القرآن الكريم من قراءة واحدة، فكان الغربيون في السابق يتبعون طبعة "فلوغل"، وهو مستشرق ألماني ترجمها في بداية القرن التاسع عشر، وهي تختلف قليلا في عد الآيات، إلى أن ظهرت ما تسمى بالنسخة المصرية، وهي نسخة من مصحف الملك فؤاد رحمه الله بمصر سنة 1923 أو 1927.

ومنذ ذلك الوقت وجميع الغربيين يترجمون من هذا المصحف على رواية حفص، ولكن من حوالي عشر سنوات تقريبا ظهر رجل إنجليزي وامرأته أمريكية، وسكنا المغرب واتبعا الطريقة "الحبيبية"، كما يقولون، وبعد إسلامهما قاما بترجمة القرآن بقراءة ورش.

وأذكر أني في آية واحدة على الأقل اتبعت قراءة ورش في ترجمتها، وأثبت في الهامش أنها بقراءة ورش وأراها أسلم للترجمة الإنجليزية، وجمهرة المترجمين بالغرب يتبعون حاليا ترجمة القرآن بالنسخة المصرية بقراءة حفص؛ لأنه من لم يكن مدركا للقراءات وحاول أن يخلط قد يضلل.

الإعجاز العلمي للترجمة القرآنية

* هناك ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن، وأكيد أن هذا ينتج إشكاليات كبيرة، كيف تتعاملون مع ترجمة الإعجاز القرآني؟

- الكلام في الإعجاز العلمي صنفان: منه كلام الباحث في القرآن، ولا نقبله؛ لأن الذين يقولون به ليسوا من العارفين بأساليب القرآن، بل يدعون عليه أشياء غير حقيقية، فمثلا قيل منذ فترة: {وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} أي جعلها كالبيضة، وقالوا إن هذه معجزة للقرآن الكريم، وقد بين قبل العلم الحديث أن الأرض كروية، وهذا كلام لا قيمة له؛ لأن الباحثين يعرفون أن لفظة "دحاها" في اللغة العربية غير هذا.

وبعض من يقولون بالإعجاز يقول إن الآية: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، أي جعلها كروية أو بيضاوية، وهذا كلام لا قيمة له؛ لأن الأرض هنا ليست الكرة الأرضية، بل أرض مكة، إذ كان المسلمون ينقصون من أرض الكفار وينتشر الإسلام ولا صلة لها بالأرض الكروية.

ومن يترجم الإعجاز العلمي للقرآن قد يذكر هذا في الحواشي، ولا يذكره في المتن؛ لأن تضمينه في النص أمر تافه ولا يليق، ويمكن أن يدرج في التفسير.

وأنا شخصيا لا أتبع هذا في الترجمة؛ لأني رأيت أن بعض علماء المسلمين الهنديين من أجل إقناع الغربيين ملأ الطبعة بحواشي تؤخذ من التصوف الهندي.

وأنا أريد أن يتقبل المثقفون كلامي، وليس العامة، فلا أريد أن يظنوا من كلامي أني واعظ، بل أنشر الإسلام بالترجمة الدقيقة والسليمة للقرآن، ومن أراد أن يتكلم وعظا أو إرشادا فهذا دورهم.

ودوري متمثل كأستاذ جامعة وليس إماما أو واعظا، ولو كنت كذلك لترجمت القرآن ترجمة غير التي قمت بها.

* بعض الأعمال القرآنية أو ذات الصلة بالقرآن وتفسيره مثل أعمال محمد شحرور ونصر أبو زيد وعابد الجابري، ما رأيكم في هذه المحاولات الفكرية؟

- شخصيا لا أعرف عن محمد شحرور كثيرا، وما سمعت عنه أن همه هو أن المسلمين الملتزمين بالإسلام ينتقدونه انتقادا شديدا، وما دمت أعيش في الغرب ولست مطلعا على كل الكتب الصادرة في البلاد العربية، فلدينا مكتبة كبيرة، ولكنها لا تحتوي كل الكتب.

ورغم أني عربي مصري أزهري، وحفظت القرآن منذ صغري، ولست في حاجة لأن أذهب إلى آخر لا يمتلك هذه الثقافة العميقة والمتينة، فقد قضيت حياتي كلها في دراسة القرآن، ولست في حاجة أن آخذ عن رجل لم يتح له مثل ما أتيح لي من هذا الماضي الثقافي.

والحق يقال إنه لا تصلنا كتب هؤلاء، وأرى أن لكل إنسان الحق في الاجتهاد، وما أمقته كثيرا هو أولئك الذين يحاولون أن يجتذبوا لأنفسهم لمعانا وبريقا وشهرة في التجني على القرآن وعلى الإسلام.

وتراثنا الإسلامي قبَل كل شيء، الغث والسمين، ووجد فيه أناس غير مسلمين، ونجد عجبا أن مثقفين مثل "يوحنا الدمشقي" وآخر اسمه "عبيد" وآخرين، تركت لهم الحرية منذ 12 أو 13 قرنا حرية أن ينقدوا القرآن والإسلام، ولم يقتلهم أحد.

وفي بغداد كان من الصوفية والعلماء من هو زنديق وغير ذلك، ولكن المجتمع تقبل كل ذلك.

واليوم أعجب ممن يريد أن "يتشطر" علينا، مثلما نقول في مصر، ويعمل لنفسه بريقا وشهرة بالتجني على القرآن والإسلام والادعاء أنه ينقد، وهو دون علم، هذا مما لا يستسيغه عاقل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير