تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2010, 11:00 م]ـ

شكر الله لكم أخي أبا سعد الغامدي كريم شعوركم

وأما عن قولكم -حفظكم الله-:

فالجواب عنه بالإيجاب، أي يبقى النص في هذه الحالة ظني الدلالة طالما أنه لم يقطع بكونه وحدوي المعنى.

فاللفظ القابل لمدلولات متعددة، مهما كان بعضها أرجح من بعض، فإن دلالته على معناه الراجح تظل ظنية، والظن درجات أعلاها ما قارب اليقين.

ولقد تنبهت الآن إلى مشاركة الأخ الكريم أبي مالك العوضي، وهي مركزة وفيها فائدة عظيمة.

أخانا الفاضل الخطيب

أنا أفرق بين النص واللفظ، فتعدد دلالة اللفظ لا يمنع من الوقف على مراد الشارع بشكل قطعي، واختلاف الأفهام في إدراك مراد الشارع لا يعني الحكم على النصوص بأنها ظنية، ونحن نجد أن المفسرين والفقهاء يختلفون في فهم النص ويحملون النص على أحد دلالة اللفظ، فهل نقول إن النص لا يزال ظني الدلالة في حق من ترجح عنده بالدليل أن المراد بالنص هو ذلك المعنى الذي ترجح عنده؟

ولنأخذ لفظ القرء كمثال وفهم العلامة الشنقيطي للمعنى المراد من اللفظ، يقول رحمه الله تعالى:

"قوله تعالى: {ثَلاَثَةَ قروء} [البقرة: 228] فيه إجمال: لأن القرء يطلق لغة على الحيض، وقد اختلف العلماء في المراد بالقروء في هذه الآية الكريمة، هل هو الأطهار أو الحيضات؟

وسبب الخلاف اشتراك القرء بين الطهر والحيض كما ذكرنا، وممن ذهب إلى أن المراد بالقرء في الآية الطهر، مالك، والشافعي، وأم المؤمنين عائشة، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، والفقهاء السبعة، وأبان بن عثمان، والزهري، وعامة فقهاء المدينة، وهو رواية عن أحمد، وممن قال: بأن القروء الحيضات، الخلفاء الراشدون الأربعة، وابن مسعود، وأبو موسى، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وابن عباس، ومعاذ بن جبلن وجماعة من التابعين وغيرهم، وهو الرواية الصحيحة عن أحمد.

واحتج كل من الفريقين بكتاب وسنة، وقد ذكرنا في ترجمة هذا الكتاب أننا في مثل ذلك نرجح ما يظهر لنا أن دليله أرجح، أما الذين قالوا: القروء: الحيضات، فاحتجوا بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللاتي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]. قالوا فترتيب العدة بالأشهر على عدم الحيض يدل على أن أصل العدة بالحيض، والأشهُر بدل من الحيضات عند عدمها، واستدلّوا أيضاً بقوله: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228].

قالوا هو الولد، أو الحيض، واحتجوا بحديث «دعي الصلاة أيام أقرائك» قالوا: إنه صلى الله عليه وسلم هو مبين الوحي وقد أطلق القرء على الحيض، فدل ذلك على أنه المراد في الآية، واستدلوا بحديث اعتداد الأمة بحيضتين، وحديث استبرائها بحيضة.

وأما الذين قالوا القروء الأطهار، فاحتجوا بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] قالوا: عدتهن المأمور بطلاقهن لها الطهر لا الحيض كما هو صريح الآية، ويزيده إيضاحاً قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث ابن عمر المتفق عليه: «فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدَّة كما أمر الله» قالوا إن النَّبي صلى الله عليه وسلم صرح في هذا الحديث المتفق عليه، بأن الطهر هو العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء، مبيناً أن ذلك هو معنى قوله تعالى:

{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وهو نصٌّ من كتاب الله وسنة نبيه في محل النزاع.

قال مقيده - عفا الله عنه-: الذي يظهر لي أن دليل هؤلاء هذا، فصل في محل النزاع. لأن مدار الخلاف هل القروء الحيضات أو الأطهار؟ وهذه الآية، وهذا الحديث، دلا على أنها الأطهار.

ولا يوجد في كتاب الله، ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيء يقاوم هذا الدليل، لا من جهة الصحة، ولا من جهة الصراحة في محل النزاع. لأنه حديث متفق عليه مذكور في معرض بيان معنى آية من كتاب الله تعالى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير