, كَثَّرَهُمُ الله.
مرض
الخميس 24 حزيران 1976م = 26 جمادى الآخرة 1396هـ
هناك حقيقة كبرى قد غفل عنها الناس – عامة – ولا يكادون يذكرونها إلا لحظة مواجهتهم لأحد مظاهرها , ثم ينسون ويرجعون إلى جريهم في هذه الحياة , حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون , ولا شك أن المسلم أكثر إدراكاً لهذه الحقيقة واستحضاراً لها من غيره , فهو ذاكر للموت , راضٍ بقدر الله وقضائه فيه، تلك الحقيقة هي أن الموت يحدث من غير أسباب ظاهرة , ويحدث من دون مقدمات , ويحدث للإنسان وهو في ذروة الشباب , ولا تموت نفس إلا في الموعد الذي حدده العليم الخبير، وأكثر الناس لا يترقبون أبداً ذلك اليوم , غافلون عنه حتى يَفْجَأهم , لكن الإنسان العاقل هو من ذكر الموت وعمل لما بعده.
كنت في مساء الخميس الماضي ليلة الجمعة معافى , لا أشعر بألم سوى أني عندما أويت إلى الفراش أحسست بألم خفيف في البلعوم مع رغبة في الاستلقاء من تعب شديد , وفي الصباح , صباح الجمعة , استيقظت وأنا أحاول أن أعمل ما كنت أعمله كل يوم وأتحرك حركة السليم الصحيح البدن , لكن وجدت قواي تخونني , وما لبثت أن عدت إلى السرير لأستلقي استلقاءه ثقيلة , ولم أخرج إلا لصلاة الجمعة , وعدت ولم ألبث أن عدت إلى السرير , وقد بلغ الألم مداه يوم الأحد , وجع في الرأس والعينين وفي الرقبة , والجسم كله مسترخي العضلات مع ألم في المفاصل وارتفاع درجة الحرارة , حتى إني في مساء ذلك اليوم وجدتني أشعر أن نور المصابيح خافت لأني لا أكاد أبصره بوضوح ونمت وأنا أنتظر الموت! ولا حول ولا قوة إلا بالله , ثم خفت الآلام تدريجياً بفضل الله , وخرجت عصر اليوم في نزهة مع الإخوة , وصدق قول القائل:
كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
(وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت) [لقمان 34].
عودة الطيور المهاجرة!
الاثنين 9 آب 1976م = 13 شعبان 1396هـ
كل الطيور عادت إلى أوطانها إلا طيراً واحداً لا يزال يكابد وسط العاصفة , لكن أملاً بالوصول لا يزال يقود خطاه , التي أخذت تثقل كلما مرت الأيام، والتي غدت هي الأخرى طويلة حزينة , كانت الشقة التي أنزل فيها تعج بالحركة كأنها خلية نحل , كنا أربعة ثم حضر الأخ سالم زائراً , كانت الأيام تمر خفيفة لا تكاد تدرك المساء حتى يدركك الصباح , وقد انتهى الإخوة نجم الدين ومحمود من الامتحان وسافرا يوم 5/ 8 , وسافر ليث يوم 8/ 8، وقضيت الليلة الماضية مع الأخ سالم الذي سافر مساء هذا اليوم , وعدت إلى الشقة بعد أن ودعته فكانت هادئة تبعث الحزن في أعماق النفس، حضر أبو وسام (8) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn8) منذ شهر على أمل أن نرجع معا بعد أن تتم مناقشة رسالتي، لكن الأمور جرت على غير ما توقعت، فالمناقشة لن تتم قبل منتصف الشهر التاسع , فلا معنى لبقاء الأخ سالم فترة أطول خاصة أن عليه أن يحضر للدوام في أول التاسع , وكان وصوله تجديداً لذكرى الأسرة كلها , وهو يحدثني عن الصغير والكبير , ولكن هذه الذكرى الحلوة مرت بسرعة كأنها حلم، ودعته مساء هذا اليوم , وعدت إلى الشقة وأنا أُنْصِتُ أتسمع الأصوات التي كانت تملؤها، لكنها بدت ساكنة فقد رحل أهلها , فهي حزينة عليهم , وأويت إلى الفراش وأنا أدعو الله أن يعينني حتى أنجز البحث، وأسافر إلى الأحبة والإخوة .. كانت الأمطار شحيحة في القاهرة إلا في هذا المساء الذي انهمرت فيه بغزارة!!!
تشكيل لجنة المناقشة
الخميس 2 أيلول 1976م = 7 رمضان 1396هـ
عاد المشرف الدكتور عبد الصبور مساء الثلاثاء – أول أمس – من رحلة الاصطياف , وذلك يعني بالنسبة لي مرحلة جديدة من الكفاح من أجل تعيين العضو الثالث لمناقشة رسالتي للماجستير , وتعيين موعد المناقشة , وقد أرجأت الاتصال بالمشرف حتى صباح أمس , حتى لا ينزعج، وقد أخبرني أنه سيحضر إلى الكلية صباح هذا اليوم، وأن أمر اختيار العضو الثالث قد تم بعد أن وافق الدكتور إبراهيم أنيس على المشاركة في المناقشة، حمدت الله , رغم أن مشاركة الدكتور أنيس تعني تأخيراً للمناقشة , على ما أتوقع، المهم بالنسبة لي أن ترسو الأمور على جهة , وذهبت صباح هذا اليوم , وصلت الكلية بعد أن قضيت في الطريق قريباً من ساعة أو أكثر , لشدة الزحام في الشوارع , وجلست في
¥