ليرة لا يسترد منها شيء , وسلمناه الأوراق وبانتظار الصباح.
إخراج السيارة من الميناء
الثلاثاء 19 تشرين الأول 1976م = 25 شوال 1396هـ
كنا هذا الصباح شبه مطمئنين إلى أن أبا أكرم سوف ينجز عمل البيان , بيان ترانزيت , لكنه يفاجئنا بعد الساعة التاسعة والنصف من هذا الصباح بأن صاحب المكتب لم يوافق على المبلغ ولابد من تأمين، وأن أقل ما يمكن دفعه هو (1200) ليرة لكل واحد , منها (500) ليرة تأمين يمكن أن تسترد بعد خروج السيارة , والبقية أتعاب ومصروفات , وشعرنا بأنه يساومنا ويحاول أن يمرر علينا لعبة يستفيد هو من ورائها , فرفضنا وأخذنا الأوراق منه , وحاولنا أن نذهب إلى بعض مكاتب التخليص لكن دون جدوى , وكان دكتور مجيد قد التقى بدمشق في مديرية الكمارك برجل عنده مكتب تخليص وله شريك في اللاذقية , فأرسل معه ورقة إلى ذلك المكتب , وبعد بحث يسير وجدنا المكتب قرب باب الميناء , وشرحنا له الطلب فرحب بنا حسب الأصول , وطلب (900) ليرة كل واحد منا منها (400) تسترد والباقي أتعاب , فوافقنا لأن ذلك أقل سعر وجدناه , وكان يهمنا كثيراً أن تنجز المعاملة هذا اليوم , وبدأ العمل بتنظيم المعاملة قبل الساعة الحادية عشرة قبل الظهر , وأكملت بعد ساعة أو ساعتين , لكن كانت هناك جملة من التوقيعات لابد من الحصول عليها وأخذ صاحب المكتب (مكتب سوريا للنقل – عبد الرزاق ديب حميد) يرسل عامله على الماطور (الدراجة النارية) , ولم تكتمل عند الظهر ووعدنا بالمساء , وفعلا فقد اكتملت عند الساعة الثامنة تقريباً، فأخرجنا السيارة من الميناء، والحمد لله رب العالمين، بعد ذلك الانتظار الطويل، الذي كان بالإمكان تفاديه لو أننا دفعنا الرسوم المطلوبة من أول ساعة وصلنا فيها الميناء، لكن شعورنا بأن منها ما هو رشوة جعلنا نمتنع، لكن ما حيلة المضطر إلا القبول بذلك الواقع الذي لا نملك تفاديه أو تغييره.
السفر إلى دمشق
الأربعاء 20 تشرين الأول 1976م = 26 شوال 1396هـ
نمنا في الفندق ليلة طالت علينا، وفي الصباح الباكر كنا نعد أنفسنا لرحلة طويلة , كنا نرغب بالذهاب إلى دمشق عن طريق حلب ثم حماة وحمص لكن الموافقة كانت عن طريق طرطوس حمص , ولم نكن نريد تأخيراً جديداً، فتوكلنا على الله، وبدأنا السير إلى دمشق على هذا الطريق وسط جو ممطر , فقد تأخرنا ساعة أو أكثر في اللاذقية بانتظار هدوء المطر، ثم ركبنا في السيارة , الأخ صباح هو الذي يقود السيارة , ولازمنا المطر منذ أن خرجنا من اللاذقية , وكان منظراً جميلاً حبيباً إلى النفس , ولا أدري إن كنت سأشاهده مرة أخرى , البحر عن يميننا والجبال عن يسارنا، وهذه السحب تحمل الماء من البحر فتنزل على الجبال , والسحب تغشي أعالي الجبل , كان مطراً غزيراً حتى إن فرشاة الزجاج لا تكاد تلحق حبات الماء المتساقط على زجاج السيارة , وكانت الوديان تجري بالماء من السفوح , والطريق من طرطوس جميل من غير المطر , غابات الصنوبر والزيتون , والخضرة الداكنة تغطي معظم الأرض , واجتزنا طرطوس، ثم دخلنا إلى مدينة تل كلخ والمطر لا يزال ينزل، ودخلنا الأراضي اللبنانية لفترة يسيرة، واشتريت بعض الأغراض من المحلات المقامة على الطريق، ثم وصلنا حمص فتوقف المطر , صلينا الظهر في حمص في الجامع الذي يضم قبر الصحابي الجليل خالد بن الوليد - t - ثم اتجهنا من حمص بطريق أكثر سهولة إلى دمشق، فوصلنا مع غروب الشمس، ونزلنا في فندق اليرموك , وقد صلينا العشاء في الجامع الأموي الكبير , والحمد لله رب العالمين.
زيارة المكتبة الظاهرية
الخميس 21 تشرين الأول 1976م = 27 شوال 1396هـ
كان هذا اليوم هو فرصتنا لنرى دمشق ونأخذ قسطاً من الراحة , لكن ذلك الأمل ضاع حين بدأنا نشتري الهدايا , فقضينا قسطاً من أول النهار وجانباً كبيراً من آخره في سوق الحميدية , حيث الملبوسات بأنواعها , فأفرغنا ما في الجيوب من بقايا نقود , وكنا نتمنى المزيد لنشتري المزيد , وهكذا الدنيا , لكن استطعت قبل الظهر أن أذهب إلى المكتبة الظاهرية , وهي ليست بعيدة من السوق على جانب الجامع الأموي , بناية قديمة , بناية المدرسة الظاهرية، نظيفة , أنيقة , مع أن القديم مكان يبعث الإجلال في النفس للسلف , والمخطوطات في المكتبة منظمة ومرتبة على رفوف في قاعة كبيرة، وهناك
¥