تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأيضا فأين ذهبت تلك البراهين العقلية التي تبيت وجوب انتهاء سلسلة الممكنات ـ وهي العوالم من حولنا ـ إلى موجود مخالف لها بالحقيقة وخارج عنها كنها وهو الواجب الوجود سبحانه وتعالى وإلا لم يوجد حولنا موجود ممكن، والبديهة الحسية تكذبه. فهذا برهان عقلي على وجود الله تعالى لا ينكره إلا سوفسطائي، وقد اتفق على صحة هذا البرهان جميع أساطين علماء المسلمين، فتجدهم يعبرون عنه بطرق مختلفة، فيقولون: لابد لكل مفتقر من غني، ولكل ممكن من واجب، ولكل ناقص من كامل، وغير ذلك من التعبيرات على البرهان العقلي على وجود الله تعالى، وهو برهان يدعم ما تقرر في الفطر ولا ينقضه ولا يخالفه.

وأيضا فإن هذا الكلام الذي ذكره المرزوقي مزعزع للثوابت الإيمانية، فقول القائل ليس ثمة دليل عقلي على وجود الله ولا على عدم وجوده، كلام سوفسطائي فساده أكثر من نفعه، بل لا نفع له، ولا يفيده القول بأن الإيمان بوجوده تعالى لا يتزعزع لأن الواقع يفيد أن إيمان كثير من الناس بوجود الله وما يتفرع عنه قد تزعزع بالفعل، فإذا أراد الباحث عن الحق إصلاح معتقده في وجود الله بالدليل العقلي ويصطدم بكلام المرزوقي فحتما سيضل ضلالا بعيدا، وهكذا يرضى المرزوقي لنفسه أن يكون مصدرا لضلال الخلق عن الحق.

أما عن كلام المرزوقي عن مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وتشبيهه بساعي البريد (ج1/ص224)، والحط الغير المباشر من قدره صلى الله عليه وسلم، بحصر نبوته في مجرد التبليغ فقط، واستشهاده بآيات متعلقة بعدم سيطرته صلى الله عليه وسلم عن قلوب الخلق حتى يحملهم على الإيمان، متناسيا أو متغافلا الآيات الدالة على كونه صلى الله عليه وسلم مأمورا بالتبيين إضافة إلى التبليغ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم، فجنس هذا الكلام وطريقة صياغته الغير اللائقة موجود بكثرة في كلام المرزوقي.

وأيضا فإن تحقيره لدور العلماء ملاحظ بجلاء، فهو يدعي أن الرسالة المحمدية (القرآن والسنة) مفهومة لكل الناس بتفاصيلها، وأنه لا حاجة للمسلمين بعلماء الدين ليتفقهوا أكثر من غيرهم ويكون الناس لهم تبعا في معرفة أحكام الله تعالى، فإن المرزوقي يرى أن العلماء الذين يتصدون لمثل هذه الخطة أشبه ما يكون برجال الكنيسة.

وطبعا هذا الكلام أسخف من أن يرد عليه، فكل من قرأ القرآن وطرفا من السنة علم أن الله تعالى أوجب على طائفة من الأمة التفقه في الدين، ومعرفة تفاصيل الأحكام التي لا يصل إليها العوام، وأيضا فإن القرآن العظيم والسنة النبوية وإن سلمنا بأن مفردات ألفاظهما واضحة جلية يفهمها كل البشر كما قال المرزوقي، فمن سيفهم المجمل والمبين والمطلق والمقيد والعام والخاص سوى العلماء، ومن سيسنبط الأحكام الشرعية للوقائع اللامتناهية من النصوص المتناهية.

ومن الخبط العجيب والكلام الساقط قول المرزوقي في مسألة خلق القرآن وقدمه: " الأمر يصح على المخلوقات صحته على القرآن، كلاهما ذو قبلتين أو معنيين، أعني من حيث هو صفة فعلية لله فهو قديم، ومن حيث هو منتوج تلك الصفة الفعلية هو مخلوق" (ج1/ص223)

نعم، هكذا يتكلم المرزوقي ولا يفرق بين معنى القديم والمحدث والمخلوق، ويخلط خلطا عجيبا ويجعل متعلق الفعل الإلهي قديما، والقديم مخلوقا. وراجع باقي ما كتبه في هذه المسألة ترى العجب.

هذا ما تيسر التنبيه عليه بخصوص الكتاب المسمى (الجلي في التفسير) هذا الذي أراده صاحبه تفسيرا فلسفيا للقرآن العظيم، أسأل الله تعالى أن يهديني ويهدي المرزوقي وجميع المسلمين للفهم السديد للقرآن والسنة والشريعة، وأن يحفظ القراء من الزلل باتباع الأقوال الساقطة والآراء المتهافتة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد، ولا حول ولا قوة إلا بالله

ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[15 May 2010, 11:58 م]ـ

حياكم الله

والشكر للدكتور العزيز الشهري على خبر صدور الكتاب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير