تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَاب} [ص:29] وردت معترضة في سياق مخاصمة الكافرين في الحق الذي جاء به محمد، وذكر قصة داود وسليمان ورجوعهما للحق بعدما تبين وإنابتهما إلى الله. فنلحظ من ورود هذه الآيات الآمرة بالتدبر معترضة في سياق الحديث عن غير القرآن أن الغرض منها الأمر بالوقوف مع الآيات الواردة والتأمل فيها والانتفاع والامتثال لها. مما يؤكد لنا أن التدبر هو الوقوف مع الآيات والتأمل فيها للانتفاع والامتثال.

2 - أن القرآن ملئ بالنصوص الآمرة بالنظر في الآيات والتفكر والتبصر والتذكر، ومنها:

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [يونس 67].

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد:3]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد 4]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر 75].

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} [طه 54]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم 22]

وفي أسلوب استفهامي يدعوا للوقوف مع الآيات والتأمل في مقاصدها:

قوله تعالى: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة 44]

قوله تعالى: {أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام 50]

قوله تعالى: {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [الأنعام 80]

قوله تعالى: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [يونس3]

قوله تعالى: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص 72]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ} [السجدة:26].

وقد تكررت هذه الآيات في مواضع كثيرة من القرآن، مما يؤكد أن الغرض هو الحث على الوقوف مع الآيات والتأمل والتفكر وإعمال العقل والبصر والسمع فيها، والنظر في دلالاتها وهداياتها، والانتفاع بها والامتثال لها، وهذا هو التدبر.

3 - تكرر الآيات في بعض السور مما يؤكد أنها للحث على الوقوف مع الآيات والتأمل فيها، ومن ذلك مثلاً:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] تكررت هذا الآية في السورة أربع مرات، وتكررها دال على أن المقصود الوقوف مع الآيات والقصص الواردة والتذكر بها ولهذا قال {فهل من مدكر}، وهي آية دالة دلالة صريحة على الحث على التدبر ولهذا قال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ} أي للتذكر والانتفاع.

قوله تعالى {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن 13] تكررت هذه الآية ثلاثين مرة، وهي آية حاثة على الوقوف مع النعم والآلاء الواردة في السورة وتأملها مما يبعث على الامتثال والإيمان.

4 - ورود القسم في ابتداء السور بالآيات الكونية وتعدده وتضمنه للتغيرات والأحوال التي تتضمنها الآيات الكونية المقسم بها فهذا التعدد وتضمينه للأحوال والتغيرات دال على الأمر بالوقوف مع هذه الآيات والتأمل فيها للانتفاع والإيمان.

ثانياً: السنة وأقوال السلف وأحوالهم:

بالنظر في السنة النبوية وأقوال السلف وأحوالهم نجد أنها دالة على أن التدبر هو الوقوف مع الآيات والتأمل فيها والتفاعل معها. ومما يشهد لذلك:

1 - ما أخرجه النسائي وابن ماجة عن أبي ذر قال: (قام رسول الله ? بنا ليلة فقام بآية يرددها وهي قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] ().

فهذا الترديد وقوف مع الآية وتأمل فيها في مشهدها العظيم.

2 - ما أخرجه مسلم عن حذيفة: قال صليت مع النبي ? ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة ثم مضى، فقلت يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوذ ().

3 - ماورد عن عمر أنه مكث في تعلم سورة البقرة اثنتي عشرة سنة، وابنه عبد الله مكث في تعلمها ثماني سنين (). .

وهذا يدل على طول وقفوهم وتأملهم فيها بتعلم مافيها والعمل به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير