وقد ورد ذلك عن النبي ? والسلف من بعده:
1 - أخرج النسائي وابن ماجة عن أبي ذر قال: (قام رسول الله ? بنا ليلة فقام بآية يرددها وهي قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] ().
2 - ورد ذلك أيضاً عن عدد من الصحابة والتابعين كعائشة وسعيد بن جبير والربيع بن خثيم وغيرهم.
3 - قال بعضهم:إني لأفتتح السورة، فيوقفني بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها، حتى يطلع الفجر ().
4 - روي عن الحسن أنه ردد ليلة {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18] حتى أصبح، فقيل له في ذلك: فقال: إن فيها معتبرا مانرفع طرفا ولا نرده إلا وقع على نعمة، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر) ().
5 - روي عن تميم الداري أنه قام ليلة بهذه الآية {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21] ().
6 - قال محمد بن عوف الحمصي: (رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بأنطرسوس، فلما صلى العتمة قام يصلي: فاستفتح: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فلما بلغ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فطفت الحائط كله، ثم رجعت، فإذا هو لا يجاوزها، ثم نمت، ومررت في السحر وهو يقرأ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فلم يزل يرددها إلى الصبح) () ..
7 - روى أن عامر بن عبد قيس قرأ ليلة سورة (المؤمن) وهي المعروفة بسورة (غافر)، فلما انتهى إلى هذه الآية {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر:18] لم يزل يرددها حتى أصبح ().
8 - حكي عن أبي سليمان الداراني أنه قال: (إني لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال ولولا أني أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها) ().
وقال ابن القيم: " هذه عادة السلف يردد أحدهم الآية حتى يصبح " ().
قال الإمام الغزالي: " وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد إلا أن يكون خلف إمام فإنه لو بقي في تدبر آية وقد اشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئاً " ().
ومنها: التفاعل مع الآيات بالسؤال والتعوذ والاستغفار ونحوه عند مناسبة ذلك، فهو دال على التفاعل الحي وأن القارئ حاضر القلب مع التلاوة، وهو من أعظم صفات التفاعل الدالة على التدبر، ولذا كان هو هدي النبي ? والسلف الصالح رحمهم الله:
1 - أخرج مسلم عن حذيفة: قال صليت مع النبي ? ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة ثم مضى، فقلت يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوذ " ().
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ?: (من قرأ منكم بالتين والزيتون فانتهى إلى آخرها {أليس الله بأحكم الحاكمين} [التين: 8] فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى {أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى} [القيامة: 40] فليقل بلى ومن قرأ والمرسلات فبلغ {فبأى حديث بعده يؤمنون} [المرسلات: 50] فليقل آمنا بالله) ().
3 - عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: قال: لمَّا نَزَلَتْ: {فَسبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظيم} [الواقعة: 74، 96] قال رسولُ الله ?: ((اجْعلُوهَا في رُكوعِكم))، ولمَّا نَزَلَت: {سَبِّح اسمَ رَبِّكَ الأعلى} [الأعلى: 1] قال: ((اجعلوها في سُجُودِكم)) () ..
4 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا وموقوفا (إذا قرأ ({سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى:1] قال: سبحان ربي الأعلى) ().
5 - عن جابر بن عبد الله، قال: لما قرأ رسول الله ? سورة الرحمن على أصحابه حتى فرغ، قال: ((مالي أراكم سكوتا؟ للجن كانوا أحسن منكم ردا. ما قرأت عليهم من مرة: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}، إلا قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد» ().
¥