تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

6 - عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي ? ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه ().

7 - روي عن عباد بن حمزة قال: دخلت على أسماء وهي تقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27]، قال: فوقفت عليها فجعلت تستعيذ وتدعو، فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو " ().

8 - روي عن الحسين الكربيسي قال: بت مع الشافعي ليلة، فكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمئة آية، وكان لايمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا تعوذ، وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعاً. ().

9 - منه مشروعية التأمين بعد قراءة الإمام للفاتحة، فهو اقتداء وامتثال وهو من التدبر بلا شك؛ لأنه ناتج عن حضور القلب وفهم المعنى المقصود وهو سؤال الهداية.

أما تفاعل الجوارح: فيكون بعدة أمور:

منها: القشعريرة يشهد لذلك قوله تعالى عن الجلود: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:23] فتأمل كيف ذكر الجلود وتفاعلها بالقشعريرة.

ومنها الأزيز ودمع العين والنشيج:

وقد أثنى الله تعالى على الذين تدمع عيونهم عند سماع القرآن فقال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83].

وروى أن رسول الله ? كان يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل () ..

وروي أن رسول الله ? قال لابن مسعود " اقرأ علي قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً " رأيت عينيه تذرفان بالدمع فقال لي: حسبك الآن " () ..

وفي صحيح البخاري عن عائشة: " وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن " () ..

وعن الحسن قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بالآية من ورده بالليل فتخنقه العبرة فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يعاد يحسبونه مريضاً () .. .

وعن ابن أبي مليكة: قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، فكان يصلي ركعتين، فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب ().

وروي عن بعضهم أنه يغشى عليهم، ويعضهم يصعق، ولكن ذلك لم يكن في الصحابة، قالت أسماء بنت أبي بكر: " ماكان أحد من السلف يغشى عليه، ولا يصعق عند قراءة القرآن، وإنما يبكون ويقشعرون، ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله " () .. .

ومنها السجود:

وقد أثنى الله على الذين يخرون سجداً إذا ذُكِّروا بآيات ربهم أو تليت عليهم:

قال تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58]

وقال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15].

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109].

وتأمل كيف شرع السجود عند هذه الآيات كأنه تفاعل من المستمع بحضور المشهد ودخوله مع الموصوفين، وهو من التفاعل الدال على التدبر لأنه امتثال واقتداء.

قال الإمام الغزالي رحمه الله في كلام نفيس حول التفاعل مع الآيات قلباً ولساناً وجوارحاً:" تأثر العبد بالتلاوة أن يصير بصفة الآية المتلوة:

فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من خيفته كأنه يكاد يموت.

وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير من الفرح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير