تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما البقاعي ففي أول كلامه على تفسير هذه الآية ذكر أن المغيَّر قد يكون خيرا وقد يكون شرا، لكنه في سائر كلامه ركز على ما يوافق تفسير الجمهور، وفي ذلك تقوية لتفسير الجمهور.

وعلى كل حال فغاية ما يدل عليه الحديث المذكور – على ضعفه – أن المغيَّر قد يكون خيرا وقد يكون شرا، وكذلك كلام القشيري والبقاعي، أما التفسير المحدث فلا يجعل المغيَّر إلا شرا. والله أعلم.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jun 2010, 09:21 م]ـ

أما التفسير المحدث فلا يجعل المغيَّر إلا شرا. والله أعلم.

حياك الله يا دكتور أحمد وشكر لك وأعانك

لا أعتقد يا دكتور أحمد أن التفسير المحدث كما ذكرت، هذا إذا كنت تعني بالتفسير المحدث كتب التفسير الحديثة، والسبب أن المفسرين لم يغفلوا عن أقوال من سبقهم فهم يذكرونها فهذا بن سعدي رحمه الله تعالى يقول في تفسيره:

" {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} من النعمة والإحسان ورغد العيش {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.

وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة"

وكذلك ما نقلته أنت عن سيد رحمه الله حيث تضمن كلامه الإشارة إلى القولين:

"فإنه لا يغير نعمة أو بؤسا، ولا يغير عزا أو ذلة، ولا يغير مكانة أو مهانة، إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم، فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم."

وكذلك البقاعي في نظم الدرر:

" {لا يغير ما بقوم} أي خيراً كان أوشراً {حتى يغيروا ما} أي الذي {بأنفسهم} "

وكلا المعنيين دل عليه منطوق الآية إلا إن المفسرين ذكروا أحد القولين للقرينة التي في الآية المفهومة من قوله تعالى:

"لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ"

وهذا لا يعني أن القول الآخر غير صحيح فقد دلت عليه آيات كثيرة في كتاب الله ومن ذلك قوله تعالى:

"وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "

"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " الروم (41)

"وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " الزخرف (48)

"فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" الأنعام (43)

وهذه الآيات واضحة أن رفع البلاء إذا وقع مشروط بالرجوع عن السبب الجالب لوقوعه وهذا تغيير.

ثم إن التغيير أمر نسبي فقد يكون من حال سيئة إلى حال حسنة وقد يكون من حال حسنة إلى حالة أحسن منها ومثال هذا الأخير ما وقع لقريش لما آمنت سلمت من زوال النعمة السابقة لإسلامهم وحصلوا ما هو أحسن وهو ما ذكره الله تعالى في قوله:

"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" سورة النور (55)

وحديث النبي صلى الله عليه وسلم التالي يعطينا مثالاً لمدلولي آية سورة الرعد:

"إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"

رواه أبو داود من حديث بن عمر رضي الله عنهما وصححه الألباني رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير