قلنا: هذا جَهْلٌ باللُّغةِ، وغباوةٌ عنْ مَقْطَعِ الفَصَاحَةِ، وقُصُورٌ عن مَعْرِفَةِ سَعَةِ القُدْرَةِ.
أمَّا قدرةُ اللهِ سبحانَهُ، فإنَّه واسعٌ عليمٌ.
ومن النصوص الظاهرة التي لا يصح الاستنباط من ظاهرها أيضاً قوله تعالى (فلينظر الإنسان الى طعامه) فهل نحن مأمورون في النظر الى الطعام؟ أم إن النص يقصد به شكر النعمة؟؟
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 May 2010, 06:49 ص]ـ
أخي الكريم أخذ النصوص على ظاهرها فيه ضبط. والضبط خاضع الى الإستنباط الصحيح والاستنباط من النص الظاهر أحياناً يكون فاسدٌ. وهذا ما كان موضع نقاش مع الأخت أم الأشبال وفقها الله قبل أقل من اسبوعين وقد أظهرت في حينه نص للشيخ مساعد الطيار:
يقول الشيخ مساعد الطيار حفظه الله:
يمكنُ تقسيمُ الاستنباط من الآياتِ إلى أقسامٍ:
أوَّلاً- الاستنباط من النص الظَّاهرِ الذي لا يحتاج إلى تفسير:
وهو على قسمين:
أنْ يكونَ الاستنباطُ صحيحًا، ومثاله: ما ذكر السيوطي (ت: 911) في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)، قال: ((واستدل به الشافعي على صحة أنكحة الكفار)) (1).
أنْ لا يكون الاستنباطُ صحيحًا، ومثاله: استنباطُ بعض الصُّوفيَّة جوازَ الرَّقصِ من قوله تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ص: 42]، وهذا الاستنباطُ غيرُ صحيحٍ، والمعنى المدلول عليه خطأ بذاته، وهو الرَّقصُ، إذ الرَّقصُ لا يجوز أصلاً.
ثانيًا- الاستنباطُ من نص غير ظاهر يحتاج إلى تفسير:
وهذا النوع يكون الاستنباط منه بعد بيان المعنى، أي: التفسير، وهو على أقسام:
أن يكونَ التفسيرُ صحيحًا، والاستنباطُ صحيحًا، وهذا كثيرٌ جِدًّا.
ومثاله: ما استنبطه ابن عطيَّةَ الأندلسيُّ (ت: 542) من قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [ص: 29]، قال: ((وظاهرُ هذه الآيةِ يقتضي أنَّ التَّدبُّرَ من أسبابِ إنزالِ القرآنِ، فالتَّرتيلُ إذًا أفضلُ لهذا، إذ التَّدبُّرُ لا يكونُ إلاَّ مع التَّرتيلَِ)) (1).
أن يكونَ التفسير صحيحًا، والاستنباط غير صحيح.
ومثاله: ما استنبطَه ابنُ عطيَّةَ الأندلسيُّ (ت: 542) من قولِه تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49، 50]:، فبعد تفسيرِه للآيةِ تفسيرًا صحيحًا، قال: ((وهذه الآيةُ تَقْضِي بفسادِ وجودِ الخُنْثَى المُشْكِلِ)) (2).
والآية لا تدلُّ على ما قالَه، ولم تنفِ وجوده، وإنَّمَا تُرِكَ ذكرُ الخُنثى المُشكلِ لندرَته وقلَّتِهِ أمامَ هذه الأقسامِ المذكورةِ، واللهُ أعلمُ.
وقال ابن العربي (ت: 543) - وهو معاصرٌ لابن عطيَّةَ -:
(( ... أنكرَه قومٌ منْ رءوسِ العوامِ، فقالوا: إنَّه لا خُنْثَى، فإنَّ اللهَ تعالى قسَّمَ الخلقَ إلى ذكرٍ وأنثى.
قلنا: هذا جَهْلٌ باللُّغةِ، وغباوةٌ عنْ مَقْطَعِ الفَصَاحَةِ، وقُصُورٌ عن مَعْرِفَةِ سَعَةِ القُدْرَةِ.
أمَّا قدرةُ اللهِ سبحانَهُ، فإنَّه واسعٌ عليمٌ.
ومن النصوص الظاهرة التي لا يصح الاستنباط من ظاهرها أيضاً قوله تعالى (فلينظر الإنسان الى طعامه) فهل نحن مأمورون في النظر الى الطعام؟ أم إن النص يقصد به شكر النعمة؟؟
أخي الكريم: أرى هذا خارجا عن الموضوع شيئا ما.
والمسألة تحتاج إلى معرفة بعلم أصول الفقه، وخاصة في المسائل المشتركة بينه وبين علوم القرآن كالعموم والخصوص والظاهر والمجمل والمبين والمطلق والمقيد ونحو ذلك.
أما قول ابن عطية في قضية الخنثى فهذه أغلاط تقع لكل بشر، والآية ليست فيها أي صيغة من صيغ الحصر حتى يقال إن هذه هي أقسام الخلق لا غير، ولو كانت فيها صيغة حصر لكان مصيبا، وهذه من مبادئ علوم القرآن الكريم.
أما قول الشيخ مساعد حفظه الله تعالى في قوله تعالى: "فلينظر الإنسان إلى طعامه" فلا أوافق عليه إذ المطلوب - فيما أعتقد - هو كلا النظرين والآية ظاهرة في النظر البصري بدليل الآيات التي بعدها، ولأن الأصل هو الأخذ بظواهر النصوص كما هو معلوم.
ولا أريد أن يتشعب بنا الحديث كثيرا عن الموضوع، فقوله تعالى: "إن كيدكن عظيم" ظاهرة في إضافة الكيد العظيم لعموم النساء وحفت بكثير من أدوات التوكيد تنبيها على ذلك وقد بينت ذلك في مداخلة سابقة.
ولا محظور في ذلك لا شرعا ولا عقلا، وإن كان فيه محظور من جهة تركيز الإعلام العلماني على مسألة المرأة فليكن.
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[17 May 2010, 07:16 ص]ـ
بارك الله بك وبجهدك. وقد أحسنت وما شاء الله عليك. والحمد لله رب العالمين.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 May 2010, 06:28 م]ـ
بارك الله بك وبجهدك. وقد أحسنت وما شاء الله عليك. والحمد لله رب العالمين.
إنما أنت أصل الإحسان بمواضيعك الشيقة.
بارك الله في الجميع.
¥