تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[20 May 2010, 01:10 م]ـ

وبداية نستطيع ان نستشف من كتاب الله ان التفسير هو اختصاص الله بغير شريك له في هذا الفعل وفق الاية:

{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} الفرقان33

وقول الله؛ " جئناك بالحق واحسن تفسيرا " فاذا كان حقا واحسن تفسيرا، نسأل؛ لماذا اذا هو بحاجة الى التفسير؟ وخصوصا على عهد رسول الله، فلم يكن ثمة غريب في الالفاظ ولا ابهام ولا ايهام ولا اشكال من اي نوع، لسانية او غيرها؟ وهل يُفَسر التفسير؟ وهل الناس في ذلك الزمان بحاجة الى تفسير الالفاظ بمرادفاتها ام انهم يعلمون بداهة مرامي تلك الالفاظ ويعلمون التفرقة حتى بين المترادفات واختصاص كل منها وليسوا بحاجة الى تفسيرها؟

لقد اشارت الاية الى ان الحق واحسن تفسيرا هو مقابل مَثلُهم، فاين هو تفسير الله - بالتعيين - في تلك الايات، واين هو المُفَسر؟

واين هو المُفَسر واين هو التفسير الذي جاء به الذبن كفروا والذي اشار الله اليه في الاية،

وبعبارة اخرى؛ اين هو المستورالذي كشفه الله، واين المستور االذي زعم الذين كفروا كشفه؟ سوف لن نجد لوصف الكشف اي محل في الاية،

التفسير هو البيان والكشف، قال بن منظور:

" (فسر) الفَسْرُ البيان فَسَر الشيءَ يفسِرُه بالكَسر وتَفْسُرُه بالضم فَسْراً وفَسَّرَهُ أَبانه والتَّفْسيرُ مثله."

وقال:

"الفَسْرُ كشف المُغَطّى والتَّفْسير كَشف المُراد عن اللفظ المُشْكل "

والقرآن الكريم بيان وكشف لحقائق الأمور، فهو تفسير للكون والحياة والتأريخ والإنسان والمعتقدات.

وعليه لما ادعى الكفار دعواى باطله وتفسيرات باطله في حق الرسول صلى الله عليه وسلم رد الله عليهم بالبيان والحق في المسائل المدعاة.

قال الرازي في تفسيره:

"ثم إنه سبحانه وتعالى لما بين فساد قولهم بالجواب الواضح قال: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} من الجنس الذي تقدم ذكره من الشبهات

إلا جئناك بالحق الذي يدفع قولهم، كما قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بالحق عَلَى الباطل فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18] وبين

أن الذي يأتي به أحسن تفسيراً لأجل ما فيه من المزية في البيان والظهور، ولما كان التفسير هو الكشف عما يدل عليه الكلام وضع

موضع معناه، فقالوا تفسير هذا الكلام كيت وكيت كما قيل معناه كذا وكذا"

ثم إن السلف الذين نزل القرآن بلغتهم وفي زمنهم فهموا معنى التفسير واستخدموا اللفظ فيما تدل عليه لغتهم وهو الكشف والبيان

فهذا حبر القرآن بن عباس رضي الله عنهما يستخدم الكلمة في هذا المعنى:

روى البخاري رحمه الله تعالى:

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَرَامِ فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا فَقَالَ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ.

وهؤلاء الذين أخذوا عن بن عباس يستخدمون الكلمة في كشف وبيان معاني القرآن:

قال الطبري رحمه الله في تهذيب الآثار:

"حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا جابر بن نوح، قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، قال: كنا مع ابن عباس بالموسم وهو الأمير، فصعد المنبر فقرأ سورة النور وجعل يفسرها، فقال رجل إلى جنبي: «ما رأيت كاليوم كلاما يخرج من رأس رجل، لو سمعته الترك لأسلمت».

ثم إننا نعلم جميعاً أن القرآن كلام عربي مكون من ألفاظ وهذه الألفاظ لها دلالات تختلف باختلاف استخدام أهل اللغة.

قال الدكتور محمد أديب صالح في كتابه "تفسير النصوص":

"فمن التفسير: معرفة مرامي الألفاظ التي منها الواضح، ومنها المبهم، وإن كان بعض الواضح لا يخلو من احتمال. وكذلك فإن منه: معرفة دلالة الألفاظ على الأحكام، حيث تعدد وجوهها ومناحيها، فليس كل نص تكون دلالته على الحكم بعبارته، بل غير العبارة من طرق الدلالة على الحكم متعدد، من إشارة ودلالة واقتضاء، وإن شئت فقل: دلالة اللفظ فيها المنطوق وفيها المفهوم وتحت المنطوق والمفهوم تنطوي كل طرق دلالة الألفاظ على المعاني والأحكام.

ثم إن من التفسير: إدراك معاني الألفاظ في حالات عمومها واشتراكها؛ كيف يكون شمولها، ونوع دلالتها على ما تشمل من أفراد، وكذلك في حالات خصوصها حين يكون اللفظ مطلقا أو مقيدا، أو صيغة من صيغ التكليف في أمر أو نهي ........ "

كتاب تفسير النصوص: ماهية تفسير النصوص ج1/ ص: 59 - 61.

أخانا أمجد:

ليس من العلم في شيء الجدال في المسلمات والأوليات، وليس من العلم أن يدعي الإنسان فهمه لشيء لم تفهمه الأمة بعلماءها ومفكريها وهي كانت ولا زالت تعيشه وتمارسه قرونا متوالية وحياتها الدينية والدنوية مبنية عليه.

أرجو الله لي ولك الهداية والتوفيق والسداد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير