[غيرة الله، وعبادات العبد بلا روح]
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[22 Aug 2010, 06:02 م]ـ
إن من الأمور التي ينبغي أن تُلاحظ أن الله تعالى يغار
إذا توجّه العباد بعباداتهم لغيره
أو كانت قلوبهم معلقة بغيره،
وإنما الواجب على العباد أن يجعلوا أعمالهم كلها لله جل وعلا بحيث يتوجهون بدعائهم وسائر أعمالهم لله جل وعلا،
ومن ذلك أن تحضر قلوبهم عند عبادتهم لله جل وعلا ..
ومما يدخل في معنى حضور القلب .. أن يمتلئ القلب من
عظمة الله عز وجل
مع الأنس بالقرب من الله ومناجاته
و الحياء منه سبحانه أن يطلع على ما لا يرضى من الأقوال والأفعال،
خصوصاً حال المناجاة.إذ قبيح بالعبد في الصلاة مثلا أن يقول بلسانه (الله أكبر) وقد امتلئ قلبه بغير الله.
إن حضور القلب في العبادات يعني
أن يستشعر العبد أنه واقف بين يدي الله عز وجل
، ومن ثم يقف موقف العبد الخادم الخائف الوجل، فيعرف معاني ما يتكلم به،
ويفهم مقاصد الأفعال التي يؤديها بين يدي سيّده، وحينئذٍ يسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه ..
ومن أمثلة ذلك .. حضور القلب عند قراءة القرءان،
فإن الله يغار عندما يقرأ العبد القرءان ويكون قلبه في غير تأمل معاني كتابه،
ومن أراد أن ينتفع بما في القرءان من المعاني العظيمة والمصالح الجليلة فليُجمع قلبه عند تلاوته أو سماعه،
وليحضر بقلبه حضور من يخاطب به كأن الله يُكلّمك الأن،
قال تعالى) إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلب أو ألقَىَ السَمعَ وَهُوَ شَهِيد (قال ابن القيم: [إذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيّته بكليّته على المطلوب وصادف وقتاً من أوقات الإجابة
،
وصادف خشوعاً في القلب وانكساراً بين يدي الرب، وذُلاً له وتضرّعا ورقةً،
واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله تعالى،
وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنّى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم،
وقدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار وألحّ على الله في المسألة وتملّقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده،
وقدّم بين يدي دعاءه صدقة،
فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا، ولا سيّما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظِنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم] ..
في الدعاء من الفائدة أنه يستدعي حضور القلب مع الله عز وجل، وذلك منتهى العبادات، فالدعاء يرد القلب إلى الله عز وجل، قال ابن رجب: [من أعظم شرائط إجابة الدعاء حضور القلب ورجاء الإجابة من الله تعالى] كما ورد [ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وإن الله لا يقبل دعاء من قلبه غافل لاه] وفي التذكرة [الذكر لله له شرطان: حضور القلب في تحريره وبذل الجسد في تكثيره] وقال غيره: [إذا أردت استجلاب حضور قلبك الغائب ففرّغه من الشواغل مهما استطعت] ..
من فوائد حضور القلب .. إجابة الله لدعاء المسلم إذا دعاه بقلب حاضر مع تعلق القلب بالله عز وجل، مما ينتج عنه راحة النفس ونقاء القلب، ضرب الحكيم الترمذي رحمه الله أمثالاً لمن كان غافل القلب في عباداته فقال: مثل المصلي الذي يسهو بقلبه عن ربه كمثل رجل جنا جناية في حق الأمير ثم ندم فاستجمع أتباعه وتوجّه إلى باب الأمير معتذرا من أجل أن يصفح عن سوء أدبه، فلما أذن له الأمير ووقف بين يديه، وأقبل الأمير عليه بوجهه ليقبل عذره ويحسن إليه، أعطى ذلك الرجل جنبه للأمير وبدأ يتحدّث مع أحد خدم الأمير، فما ظنك بموقف الأمير حينئذٍ، ألا يُعرض الأمير عنه، ألا يقع في نفسه أن هذا متلاعب وليس بمعتذر، بل هذا مستخفّ بحق الأمير، ومن ثم فلن يعبئ الأمير بعذره ..
مثال: وضرب مثلا لمن يدعو بدون حضور قلب ولا رغبة ولا رهبة، بمن يطرق باباً ويطلب من أهله المساعدة فلما فتحوا له الباب وعرض حاجته عليهم، ودخلوا للبيت ليحضروا ما يقدّمونه له لم يلبث عند الباب، بل مضى لسبيله، فلما وصلت المساعدة للباب لم يجدوا ذلك الرجل الذي يطلب المساعدة، فأدخلوها داخل البيت، فكان الرجل ينتقل بين البيوت وهذا شأنه، فلم يحصل على مساعدة ولن يجد معيناً له ..
مثال: ومثل لمن يثني على ربه بقلب غافل بمن جنا جناية فلم يعتذر حال الإفاقة، بل لما شرب مسكرا وقف بين يدي المجني عليه وقبّل رأسه ومدحه، فلم يلتفت المجني عليه إليه لعلمه بأنه لا يعقل ما يقول ..
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإيّاكم ممن حضر بقلبه في عباداته .. فكان قلبه حاضرا في صلاته وفي دعاءه وفي مناجاته، وفي ذكره وفي ثناءه على ربه.
(كلمات نفيسة من الشيخ/ د. سعد الشثري، قالها في دروسه المباركة - قلوب الصائمين رقم 21 - والدرس كاملا في سلسة قلوب الصائمين، وكيف ربط الشيخ بين غيرة الله وعبادات العبد خصوصا ماكان فريضة وواجب (وماتقرب الي عبدي بشئ أحب الي مما افترضه عليه) وأعظمها فرائض الصلاة، فإني أحببت أن أفردها لما لها من الأهمية في الإحسان في العبادات وعدم الغفلة فيها،والقيام فيها بلا روح بتذكر واستشعار غيرة الله- جل وعلا-))
**رابط سلسلة قلوب الصائمين**
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=21149