تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النقد العلمي البنّاء للحركة الجهادية المعاصرة

ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[10 Sep 2010, 05:51 م]ـ

كتب الكاتب الموريتاني الواعد الأخ محمد المختار الشنقيطي مقالاً رائعاً عن الحركة الجهادية المعاصرة يبين الأساس العلمي والشرعي والأخلاقي والسياسي لنقدها وقد شعرت بضرورة أن يطلع عليه الإخوة رواد الملتقى، وهذا لا يبعد كثيرا عن أهداف الملتقى المفتوح في ملتقى أهل التفسير لأن الجهاد نوع من التفسير العملي والفهم التطبيقي لكتاب الله تعالى وهو (كتاب الحرية الأكبر في التاريخ) لأن العبودية لله تحرير من عبودية الهوى واتباع الشيطان، وتلمذة طبقة الصحابة عليه حين كان المصدر الرئيس بلا مقارنة لفكر الأمة ومعتقدها هو الذي جعل برنارد لويس يقول كلمته الرائعة "وفي الواقع فإنّ مسألة إخضاع العالم بأجمعه عند المسلم الأول كانت مسألة زمن فقط "/ وما ذاك إلا لأن (كتاب الحرية الأكبر في التاريخ) قد جعل نسبة الخوف من الموت تقترب من الصفر لدى الأجيال الأولى من المسلمين.

وأنا أتفق مع الأخ كاتب المقال في أكثر ما ذهب إليه باستثناء تعاطفه مع (الإمامية من أتباع دين الفرس وعبيد الفرس مما يسمى بالشيعة العرب) فإن الانغلاق الفكري الذي تسببه البرمجة العاطفية للإمامية لأتباعها من المنفعلين بتراجيديا الحسين وإسقاطات اللامعقول الفارسي على أسماء عربية يجعل من اختار المواجهة الفاصلة مع الفرس وعبيدهم أمرا حتميا يقف على أرض صلبة. فالذي يؤمن أن للزمان صاحبا غير الله تعالى ليس له في الإسلام الذي في القرآن وصحيح السيرة حبةُ خردل، فإذا لم يكن الإيمان بهذا الكائن الخرافة شركا أكبر مخرجا عن الملة فأي شيء يبقى من الدين والتوحيد؟ لا شك أن علي بن أبي طالب لو بُعِث لقاتل على ما دون ذلك، وهذا وإن كان من مفارقات التاريخ أن يكون محبو اسم علي أبعد الناس عن فكره ومعتقده، لكن ما يهمنا هنا هو أن اعتبار الحركة الجهادية للحاملين للفكر الفارسي كاليهود سواء بسواء أو على الأقل في خانة أعداء الأمة وعقيدتها أمر مبرر وسائغ شرعًا وعقلا. فالنوع الوحيد الممكن قبوله في الأمة من الإمامية هو من اتبع خط الأستاذ أحمد الكاتب والدكتور موسى الموسوي وتخلص من فيروس الكائن الخرافة، وأما ما سوى ذلك فلا يمكن قبوله في الأمة بحال.

وباستثناء عدّه للقائلين بأن للزمان صاحبا غير الله تعالى مسلمين وتلميحه إلى خطأ مواجهتهم فإن الكاتب يقف على أرض صلبة وتحليله سديد ومفيد. قال:

تسعة أعوام خلت على هجمات 11 سبتمبر/أيلول الدامية، ولا يزال تنظيم القاعدة يوغل في سحب المسلمين إلى حرب كونية مع الغرب، وحرب أهلية داخل مجتمعاتهم، وهو أمر يحتِّم على الجميع النظر إلى هذا التنظيم برؤية فاحصة.

وفي هذا المقال نلقي نظرة خاطفة على جوانب القوة والضعف في تنظيم القاعدة، من الناحيتين الأخلاقية والعملية، آملين أن يحقق ذلك فهما أفضل لهذه الظاهرة التي تتسع في مداها، وتتشعب في مظاهرها يوما بعد يوم.

لقد أصبح من العسير على العديد من المسلمين أن يحكموا على القاعدة حكما أخلاقيا أو إستراتيجيا. ويمكن اختزال أسباب ذلك في أربعة أمور:

أولا: أن هذا التنظيم يقاتل غالبا من أجل غايات شرعية، لكنه يستعمل غالبا وسائل غير شرعية. فشرعية الغاية تزكيه، وعدم شرعية الوسيلة تدينه.

ثانيا: أن الأمة بلغت من الانكشاف وتخلي قادتها عن مسؤولياتهم حدًّا جعل بعض المسلمين مستعدين لتفهم أي وسيلة لدفع العدو الصائل، حتى وإن لم تكن ضمائرهم مرتاحة لهذه الوسيلة.

ثالثا: أن القوى الأجنبية التي تقاتلها القاعدة أضعف موقفا أخلاقيا من القاعدة، فهي تستخدم وسائل غير شرعية لتحقيق غايات غير شرعية. فلا الغاية تشفع لها ولا الوسيلة.

رابعا: أن أفراد التنظيم يُظهرون من الإيمان برسالتهم والتضحية في سبيلها ما يجعل نقدهم صعبا على بعض الضمائر المسلمة.

وهذه النقطة الأخيرة تستحق وقفة خاصة، فهي مثال حي على "خديعة التضحية" كما يدعوها صديقي الكاتب الإستراتيجي المصري الشاب وائل عادل. ففي مقال لطيف بهذا العنوان يبين وائل عادل أن "خديعة التضحية تجعلنا أحياناً نمنح ثقتنا لأولئك الذين ضحوا كثيراً في حياتهم من أجل المبادئ والأفكار، بحجة أنهم أمناء على المبادئ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير