تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تجديد الخطاب السلفي: بقلم الدكتور أحمد عبد الرحمن القاضي]

ـ[خالد محمد المرسي]ــــــــ[25 Sep 2010, 08:28 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

حديث الأسبوع

تجديد الخطاب السلفي [1]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فليس ثمَّ شك أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وأن طريقة أهل السنة والجماعة؛ في الاعتقاد، والعمل، والسلوك، والأخلاق، هي الطريقة المثلى، المطابقة لما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأن اتِّباع آثار السابقين الأولين من الصحابة، والتابعين، والسلف الصالحين، هو المنهج الرشيد، والمسلك السديد، الموصل إلى النصر، والتمكين، في الدنيا، والنجاة، والفلاح، في الآخرة. قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55]

ويمثل المنهج السلفي، منهج النقاء العقدي، والعملي، للمنتسبين إلى الإسلام. ولا ريب أن الانتساب إلى الإسلام، والتسمي به كافٍ في وصف العبودية التي لأجلها خلق الله الإنس والجن، كما قال تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج: 78]، ولكن الأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أُمَّتُهُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؛ كُلُّهَا فِي النَّار؛ إلاَّ وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَومَ وَأَصْحَابِي"، صَارَ الْمُتَمَسِّكُونَ بِالإسْلامِ الْمَحْضِ، الْخَالِصِ عَنِ الشَّوْبِ هُمُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ) [الواسطية].

والخصائص الجامعة لأهل السنة والجماعة، واضحة، بيِّنة، والعلامات الفارقة للسلفيين عن غيرهم من الفرق المنحرفة، ظاهرة، شهيرة. وأبرزها أصلان عظيمان:

1 - التوحيد الخالص لله رب العالمين، بأنواعه الثلاثة؛ الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.

2 - الاتباع الصحيح لسنة خاتم النبيين، والعناية بها رواية، ودراية، ولذلك سموا: (أهل الحديث) و (أهل الأثر). فمن التزم بهذين الأصلين، وبرئ من طرائق المبتدعة؛ من خوارج، وقدرية، ومرجئة، وجهمية، ومعتزلة، وصوفية، وضم إلى ذلك صالح الأعمال، ومكارم الأخلاق، استحق وصف (السلفية).

والملتزمون بهذين الأصلين العظيمين، وتوابعهما، جمع كثير في الأمة، أوسع مما قد يتوهمه بعض الناس لمفهوم السلفية، على تفاوت في الأخذ بهما، كما هي سنة الله في عباده المصطفين: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير) ُ [فاطر: 32]

وقد جرى في مطلع هذا القرن الخامس عشر الهجري، انتعاش، وإحياء، للمنهج السلفي، بعد عقود من الوهن، والضمور، وبلغ مواطن من العالم الإسلامي لم يبلغها من قبل، واكتسح معاقل عريقة للبدعة، والخرافة، والكلام المذموم. وحصل تنويرٌ غير مسبوق، في الأوساط العلمية، والشعبية، وتمحورٌ حول المرجعيات السلفية المعتبرة، وتراجعٌ للمرجعيات البدعية، والطرقية، والكلامية.

ولكن! سرعان ما دبَّ في الأوساط السلفية الواعدة، داء الأمم قبلهم؛ من الاختلاف، والنزاع، والانقسامات المتلاحقة، أفسد سرائر العاملين، وأطفأ أَلَق النقاء، وكدَّر الصفاء، الذي كانت الأمة ترمقه، وتعلق عليه آمالها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير