[من أحكام العيدين]
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[07 Sep 2010, 02:09 م]ـ
[من أحكام العيدين]
إبراهيم بن محمد الحقيل
بسم الله الرحمن الرحيم
للمسلمين ثلاثة أعياد لا رابع لها وهي:
الأول: عيد الأسبوع، وهو يوم الجمعة، خاتمة الأسبوع، هدى الله له هذه الأمة المباركة، بعد أن عمي عنه أهل الكتاب اليهود والنصارى فكان لهم السبت والأحد.
قال ابن خزيمة رحمه الله تعالى: (باب الدليل على أن يوم الجمعة يوم عيد، وأن النهي عن صيامه إذ هو يوم عيد) حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن يوم الجمعة يوم عيد؛ فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده) [1].
الثاني: عيد الفطر من صوم رمضان، وهو مرتب على إكمال صيام رمضان، الذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهو يوم الجوائز لمن صام رمضان فصان الصيام، وقام فيه فأحسن القيام، وأخلص لله تعالى في أعماله، وهو يوم واحد أول يوم من شهر شوال.
الثالث: عيد النحر: وهو ختام عشرة أيام هي أفضل الأيام، والعمل فيها أفضل من العمل في غيرها، حتى فاق الجهاد في سبيل الله تعالى الذي هو من أفضل الأعمال، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما من الأيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد؛ إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) [2].
وهذا العيد هو اليوم العاشر من ذي الحجة، وقبله يوم عرفة وهو من ذلك العيد أيضاً، وبعده أيام التشريق الثلاثة وهي عيد أيضاً، فصارت أيام هذا العيد خمسة؛ كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) [3].
وهذا العيد أعظم من عيد الفطر، قال ابن رجب رحمه الله تعالى: وهو أكبر العيدين وأفضلهما وهو مرتب على إكمال الحج [4]. وقال شيخ الإسلام بعد ذكره قول الله تعالى: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3]: (ولهذا أنزل الله هذه الآية في أعظم أعياد الأمة الحنيفية؛ فإنه
لا عيد في النوع أعظم من العيد الذي يجتمع فيه المكان والزمان وهو عيد النحر، ولا عين من أعيان هذا النوع أعظم من يوم كان قد أقامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعامة المسلمين) [5].
وقال أيضاً: (أفضل أيام العام هو يوم النحر، وقد قال بعضهم: يوم عرفة، والأول هو القول الصحيح؛ لأنّ في السنن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر) [6]، لأنه يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يوم النحر هو يوم الحج الأكبر) [7].
أحكام تتعلق بالعيد:
أولاً: حكم صلاة العيد:
اختلف العلماء في ذلك، ولهم ثلاثة أقوال:
أ -أنها واجبة على الأعيان وهو قول الأحناف [8].
ب - أنها سنة مؤكدة، وهو قول مالك وأكثر أصحاب الشافعي [9].
ج - أنها فرض كفاية، وإذا تمالأ أهل بلد على تركها يُقاتلون وهو مذهب الحنابلة، وقال به بعض أصحاب الشافعي [10].
والذي يظهر رجحانُه القولُ بالوجوب لما يلي:
1 - أمر الله تعالى بها: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] والأمر يقتضي الوجوب، وأمره-النساء أن يخرجن إليها.
2 - مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها وعدم تخلفه عنها.
3 - أنها من أعلام الدين الظاهرة، وأعلام الدين الظاهرة فرض كالأذان وغيره [11].
قال شيخ الإسلام: ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان. وقول من قال: (لا تجب) في غاية البعد؛ فإنها من شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع لها التكبير، وقول من قال: (هي فرض كفاية) لا ينضبط؛ فإنه لو حضرها في المصر العظيم أربعون رجلاً لم يحصل المقصود؛ وإنما يحصل بحضور المسلمين كلهم كما في الجمعة [12].
واختار القول بالوجوب ابن القيم والشوكاني وابن سعدي وابن عثيمين [13].
¥