تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كيفية الإيمان بالقدر عند أهل السنة والجماعة.]

ـ[عيسى السعدي]ــــــــ[30 Sep 2010, 03:06 م]ـ

http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png

الإيمان بالقَدَرِ أصلٌ من أصول الإيمان، فلا إيمان لمن أنكره أو آمن بقدر وكذب بقدر، وقد عني العلماء بتقرير هذا الأصل العظيم وتحريره لكثرة الشبهات حوله، وأفردوا لأدلته كتبا خاصة،ككتاب القدر من صحيح البخاري وكتاب القدر للفريابي. وللقدر مراتب لايتحقق إيمان عبد إلا باستكمالها، وهي:-

1 - مرتبة العلم؛ بمعنى الإيمان بسبق علم الله تعالى بحال كل مخلوق وعمله ومآله قبل وجوده. وهذه المرتبة محل إجماع بين المسلمين إلا ما يذكر عن القدرية الأولى فإنهم أنكروها وزعموا أن الأمر أُنُفٌ؛ أي أن الله تعالى لا يعلم الكائنات إلا بعد وجودها. وقد أنكر مقالتهم ابن عمر وعلماء السلف وصرح بعضهم بكفرهم بهذه المقالة المنكرة. وممن ضل في هذه المرتبة غلاة الشيعة؛ فإنهم يصفون الله تعالى بالبداء؛ وهو ظهور أمر خفي على الله من قبل!! وكذلك ضل في هذه المرتبة الفلاسفة الإلهيون؛ فإنهم يزعمون أن علم الله تعالى إنما يتعلق بالكليات الثابتة دون الجزئيات المتغيرة. وهذا يعني أن الله تعالى لا يعلم شيئا عن هذا العالم كله، وأن علمه إنما يتعلق بالعقول العشرة التي تخيلوها (((كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا))).

2 - مرتبة الكتابة؛ وذلك بالإيمان بأن الله تعالى كتب مقاديرالخلائق قبل وجودهم، وأن أعمالهم وأحوالهم ومآلهم تجري على ما سبق في علم الله تعالى وكتابه، قال تعالى: (((ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)))، وقالصل1: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، وقال صل1 (إن أول ماخلق الله القلم فقال له أكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شئ حتى تقوم الساعة). وهذه الكتابة هي أصل التقادير؛ فلا يدخلها محو ولا إثبات ألبتة، قال تعالى: (((يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)))؛ أي أصله الذي لايغير ولايبدل، وهو اللوح المحفوظ؛ فإنه أصل جميع كتب التقادير العامة والخاصة؛ وهي التقدير الحولي العام ليلة القدر والتقدير الخاص ببني آدم يوم الميثاق أولا ثم التقدير الخاص بكل واحد منهم بعينه؛ وهو الذي يحصل لكل جنين في أول الأربعين الثانية أونهاية الأربعين الثالثة (فيرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه واجله وعمله وشقي أو سعيد). وهذه الكتابة تقبل المحو والإثبات بأسباب معينة جاءت بها النصوص؛ كصلة الرحم، ففي الحديث (من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه)، وكحسن الجوار وحسن الخلق ففي الحديث (حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار)، وكبر الوالدين لحديث (من سره أن يمد له في عمره ويزاد له في رزقه فليبروالديه وليصل رحمه)، وكأفعال الخير والمعروف ففي الحديث (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)، وكالدعاء فإنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ففي الحديث (لايرد القضاء إلا الدعاء). فعلى المسلم أن يحرص على هذه الأسباب حتى يبارك له فيما قدر له من الخير، ويدرأ عنه ماشاء الله مما قدر عليه من الشر.

3 - مرتبة المشيئة؛ فحركات الكون وسكناته بمافي ذلك أفعال العباد خيرها وشرها كلها واقعة بمشيئة الله تعالى وإرادته الكونية، قال تعالى: (((من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم)))، وقال: (((وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله مافعلوه فذرهم وما يفترون)))، وقال: (((وماتشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما))) , وقال: (((فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعدفي السماء))).

4 - مرتبة الخلق؛فالعالم كله علويه وسفليه بمافي ذلك العباد وأفعالهم كلهم من خلق الله تعالى وحده، قال تعالى: (((الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل)))، وقال: (((والله خلقكم وماتعملون)))، وفي الحديث: (إن الله خلق كل صانع وصنعته).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير