تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أما آن للأمة أن تزحف بمبادئها؟؟؟؟]

ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[19 Sep 2010, 06:59 م]ـ

أما آن للأمة أن تزحف بمبادئها؟

بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وبعد:

مما أثر عن بعض المفكرين الكرام: " من لم يزحف بمبادئه زحف عليه ". كلمة يسعى كل الناس اليوم لتطبيقها، بل كل الجماعات والدول، إنها ديدن الناس في هذا العالم، فكل من يعتنق مبدأ ما يراه صحيحا يسعى جهده للزحف به. وأمة الاسلام أمة عظيمة بمبادئها، عظيمة بدينها وخلوده والأصل أن تسود بما تملك وتزحف بما تؤمن.

لكن المتأمل في واقع هذه الأمة الخيرة يلاحظ تغيرا كبيرا في حاملي هذه المبادئ وفي واقع أصحاب هذه المبادئ، مع أنها مبادئ أعزت أصحابها وحامليها: " نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فمن ابتغى العزة في غيره أذله الله ". واقع يبين عن وهن كبير وضعف خطير وانحراف كبير وذل فظيع.

فماذا حصل لأمة المبادئ والقيم؟.ولماذا هذه الذلة؟.

عن هذه الأسئلة وغيرها يجيب المصطفى صل1 الذي يقول"… .. ألا ليذاذن رجال عن حوضي كما يذاذ البعير الضال، أناديهم ألا هلم، فيقال: لأنهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا (بعدا) سحقا.". وفي رواية:" إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى". (1).

إنه تشخيص للداء الذي أصاب الأمة، الداء العضال الذي أخرج الأمة من الوضع الذي ارتضاه الله لها، من الخيرة العظيمة التي خصت بها، حيث قال الرسول العظيم صل1:" أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل ". (2).

وللأمة أن تسائل نفسها هل تستحق هذا التقدير من رسول الله صل1، أم أنها فعلا بدلت وغيرت، وأصبح الحكم النهائي الذي سيصدر في الآخرة، والذي لا استئناف فيه هو البعد والسحق والعياذ بالله، وأضحى المصير في الدنيا هو ما تعيشه الأمة اليوم في واقعها الحياتي، من تمزق لراياتها، وتفرق لكلمتها، وتشتت في صفوفها، إضافة الى الدرك الأسفل الذي وصلت إليه مجتمعاتها بين أمم الأرض قاطبة. فالمسلمون بدلوا وغيروا، وما طبقوا، أساءوا فهم الاسلام مع الأسف الشديد فأساءوا لأنفسهم.

فما تخلف المسلمون إلا بسبب هذه الاساءة، وما حصل التخاذل في نصرة بعضهم البعض إلا بسبب هذه الاساءة، وما الانحرافات الاخلاقية التي سادت الواقع الاسلامي إلا بسبب هذه الاساءة.

مع أن الأمة تملك كل وسائل القيادة، فالعدد أكثر من مليار وربع - وإن كانت العبرة ليست بالكثرة - والأمة أمة سورة إقرأ ولكنها لا تقرأ، والأمة أمة سورة القلم ولكنها تخلت عن القلم، والأمة أمة سورة النور، ولكنها تعيش في الظلام، والأمة أمة سورة الصف، ولكن صفها ممزق، والأمة أمة سورة الحديد ولكنها لا تملك الحديد، والأمة أمة سورة طه ولكنها تخلت عن منهج طه، والأمة أمة سورة القتال ولكنها اختارت الاستكانة والاستسلام، والأمة أمة سورة النصر ولكنها رضيت بالهزيمة، والأمة أمة سورة الاخلاص ولكن الاخلاص بعيد عنها.

اقتصاد الأمة متكامل وكاف لو حصل التضامن، موقعها الجغرافي تحسد عليه من قبل كل الأنام، رسالتها حضارية تصل الأرض بالسماء، تجمع بين العقل والنقل، تعطي الآخرة ولا تحرم من الدنيا، تفور القلب ولا تحجر على العقل، تعطي الايمان والعلم، تملك الوثيقة الالهية التي تتضمن كلمات الله الأخيرة للبشرية، الوثيقة الأخيرة التي لم تحرف.

عالمية الاسلام:

هذا ما تملكه الأمة، وهو باختصار دين الاسلام، الذي يشمل كل هذا، إنه المنة الكبرى والنعمة العظمى والدين المرتضى للبشرية ولأهل السماء، فكل الانبياء والرسل بعثوا بالاسلام، كما أخبر الحق تعالى: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه .. " (3).

فنوح عليه السلام أَمَر بالاسلام وأُمِر به كما أخبر بذلك القرآن: " وأمرت أن أكون من المسلمين". (4).

وهو دعوة يعقوب عليه السلام الذي يقول: " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسحق ويعقوب إلها واحدا ونحن له مسلمون ". (5).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير