تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نحو أدب إسلامي (الفصل الأول)]

ـ[علي جاسم]ــــــــ[01 Oct 2010, 04:12 م]ـ

الأدب إسلامي .. أو الفن الإسلامي ..

من الضرورات التي يحتاجها المسلمون اليوم والتي تعتبر وسيلة فاعلة من وسائل نهضة المسلمين , ضرورة الفهم الواضح الجلي لمصطلح الأدب الإسلامي أو الفن الإسلامي.

وهذه الضرورة تقوم على أسباب كثيرة منها سببين جوهريين , أولهما شيوع الأدب التافه الظحل والفن الهابط المجرد من القيم والمبادئ والمثل , القائم من الناحية الشعورية على مادية الحياة وحيونة الإنسان , وقد طغى هذا اللون من الآداب والفنون في مجتمعاتنا فبات أشبه بعملية غسيل جماعي لأدمغة المسلمين أو كاد .. لكن بصورة فنية ..

وثانيهما لأن الأدب الإسلامي في الحقيقة هو أرقى ما يمكن للبشرية أن تبلغه من أدب وفن لما يمتلكه هذا الأدب الرفيع من خصائص ومزايا تسمو به للذروة التي يمكن أن يسمو لها أدب وفن في زمن من الأزمان ..

فما هو الأدب الإسلامي؟؟ بل فلنجزئ المصطلح ونسأل قبل ذلك ما هو العمل الأدبي؟؟.

العمل الأدبي هو تعبير جميل عن تجربة شعورية , أو هو تعبير موح مؤثر عن انفعال عاطفي ..

أي هو فيض من الشعور , نتج عن مؤثر ما -أيَّ مؤثر- استطاع صاحبه المبدع أن يترجمه إلى ألفاظ وكلمات , نُسقت بطريقة معينة , ورصفت بقالب من اللفظ مميز , فكان هذا العمل آخر الأمر عملا أدبيا , له قيمته الأدبية وله رصيده من العاطفة والشعور الإنساني ..

إذن فالشرط الأول في العمل الأدبي أن يكون له رصيد من العاطفة والشعور لأنها المادة الخام لكل عمل فني أدبي , كعرق الذهب في صخره هو المادة الخام للحلي والزينة إذا تناولته يد صناع ماهر ..

وهنا يبرز الفرق بين النظم والشعر أو بين الكلام الموزون نظما والكلام الموزون شعرا , فالأول لا يشترط به العاطفة أن كان مجرد كلام موزون سيق لغرض تعليمي لا غير كألفية ابن مالك وألفية ابن معطي في النحو والمنظومة البيقونية في علم الحديث وغير ذلك , في حين لا يصح الكلام الموزون شعرا بغير العاطفة والشعور ..

وليس الشعر هو الفن الوحيد في الأدب فهنالك النثر والمسرحية والرواية والقصة والأقصوصة والخاطرة والمقالة والمقامة والسيرة الذاتية وحتى الخطابة إذا اتسمت بالطابع الفني لا الطابع الوعظي المجرد ..

* * *

ونرجع للتعريف كي لا أستطرد في الكلام , فما الذي يحدد طبيعة التجربة الشعورية؟؟ ما الذي يتحكم باللون الشعوري فينا؟؟ ما الذي يحدد درجة الانفعال الشعوري؟؟ وهل هو واحد في كل الناس؟؟.

والجواب عن ذلك يكون بكلمة واحد هي (العقيدة) .. نعم –سادتي الأكارم-شكل العقيدة التي يؤمن بها الإنسان هي التي تحدد طبيعة الشعور ولون الشعور ودرجة الشعور .. وإليك –أخي الحبيب- بيان ذلك ..

أليست التجربة الشعورية هي التأثر بإيقاع ما من إيقاعات الحياة من حولنا؟؟ وإيقاعات الحياة كثيرة جدّ كثيرة , هي في الآفاق وفي النفوس , وفي كل ما درج وسكن , وظهر وبطن , وفي كل ما اصطاده الحس واقتنصه الخاطر وما تلفع أستار الغيب واختفى , كل ذلك يشتمل على إيقاعات مختلفة في النوع واللون والشدة , إيقاعات تؤثر في النفس وتثير فيها مكامن الحس والشعور ..

ثم ما هي الحياة؟؟ هي في الحقيقة فكرة الإنسان عن الحياة ونظرته الخاصة لها , وفكرة الإنسان عن الحياة ما هي إلا ثمرة طبيعية من ثمار العقيدة المستقرة الراسخة في النفس ..

فلا يمكن لإنسان يؤمن بالله تعالى والملائكة والكتب والنبيين والجنة والنار والبعث والنشور والغيب والروح , لا يمكن لإنسان يودع هذا كله لب قلبه ثم لا يكون شعوره بالحياة من حوله إلا شعورا ماديا حسيا مجردا , هذا محال أو هو شيء وراء المحال ..

ولا يمكن لملحد ينكر وجود الله ولا يصدق بالغيب والروح والملائكة وعوالم ما بعد الموت , لا يمكن لهذا الإنسان أن يشعر بالحياة شعورا فيه أثر للروح أو للغيب , إن مثل هذا القلب لا يتناول من الحياة إلا جانبها المادي المجرد أي لا يتناول منها إلا قشورها ..

إن الإيمان بالله واليوم الآخر أو قل الإيمان على وجهه التام الصحيح , سيصبغ النفس بألوانه , ويفتح لها منافذ للشعور لا تنبغي لغير المؤمن , إن الإيمان على هذا النحو الرفيع يلقي ظلال الحياة على كل شيء من حولنا

{وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير