تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اللهم وَلِيَدَيْهِ فاغفر!

ـ[عيسى السعدي]ــــــــ[16 Sep 2010, 03:40 م]ـ

لما هاجر النبي صل1 إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له فقطع بها أصابعه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيا يديه، فقال: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفرلي بهجرتي إلى نبيه صل1 فقال: مالي أراك مغطيا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صل1، فقال: اللهم وليديه فاغفر.

هذه الحادثة التي وقعت في عهد النبي صل1 فيها عبر ودلالات كثيرة، منها: -

1 - تحريم قتل النفس مهما كانت الظروف، وبيان أنه من أكثر الذنوب إقتضاء لحصول وعيده مهما كانت الحسنات المعارضة؛فهذا صحابي ومهاجر ومع ذلك عذب على قتل نفسه!

2 - أن صاحب هذه الكبيرة لم يكفر بما فعله؛ولهذا استغفر له النبي صل1 ودعا له. وفي هذا دلالة على أن صاحب الكبيرة مهما عظمت كبيرته لايخرج من الإسلام خلافا لمن كفره من أهل البدع أو جعله في منزلة بين المنزلتين!

3 - صحة مذهب أهل السنة في القطع بإنفاذ وعيد بعض أهل الكبائر خلافا لمن جوز العفو عنهم كلهم من المرجئة؛فإن هذا مخالف لقوله تعالى (((ويغفر مادون ذلك لمن يشاء))) فأخبر أن مغفرته تقع لبعض دون بعض، وهكذا نصوص الشفاعة المتواترة فإنها صريحة في إنفاذ وعيد بعض أهل الكبائر! ولكن ينبغي عدم الخلط بين إنفاذ الوعيد وإثباته على سبيل الدوام؛ فإن أهل السنة مجمعون على أنه لايخلد في النار أحد من أهل التوحيد مهما عظمت كبيرته.

4 - أهمية الرؤى في الإسلام وأنها قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية؛ فالنبي صل1 إنما شفع ودعا بسبب رؤيا الطفيل. ولكن ينبغي الاحتياط في هذا الباب بعد عصر النبوة؛ فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة.

5 - إثبات شفاعة النبي صل1 في أهل الكبائر، وأنها قد تكون في الدنيا كما في هذا الحديث، وقد تكون في الآخرة؛ وهو الأعظم والأشمل؛ لحديث (((إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لايشرك بالله شيئا)))! ولكن هل تكون قبل إنفاذ وعيد الكبيرة؟ هذا محل توقف فيه ابن القيم؛ لأنه لم يظفر بنص صحيح يدل على حصولها قبل العقوبة، وكل حديث في الشفاعة في أهل الكبائر إنما يدل على حصولها بعد العقاب. والله أعلم.

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 Sep 2010, 03:56 م]ـ

أهمية الرؤى في الإسلام وأنها قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية

أما وحدها غير رؤى الأنبياء = فلا ..

وإنما يجب اقترانها إما بغيرها من الحجج، أو تواطؤ رؤى المؤمنين ..

ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[17 Sep 2010, 04:50 ص]ـ

جزاك الله خيراً يا أستاذنا الكريم د. عيسى على هذه الفوائد والدرر التي تكرمنا بها. زادك الله علماً.

وبخصوص تعليق أبي فهر، بودي أن أضيف إضافة بسيطة توضيحية لكلام د. عيسى _ وليأذن لي شيخنا د. عيسى _فأقول:

1/ إن كلام الشيخ عيسى كلام دقيق ومفصَّل، فقد ذكر أن الرؤى تكون سبباً لثبوت بعض الأحكام وليست هي المشرِّعة لذلك الحكم، وإنما سبب فحسب، وأمثلتها كثيرة، وهي كبعض أفعال الصحابة التي قد تكون سبباً لثبوت بعض الأحكام الشريعة فما الفرق بين ما يفعله الصحابي أو يراه في عصر التشريع فيكون سبباً لحكم شرعي؟!

فالرؤى إذن ليست مصدراً أو أصلاً مستقلاً للأحكام الشرعية. وهذا إنما يكون في عصر النبوة وقد انقضى.

2/ الموقف الشرعي من الرؤى بعد عصر النبوة هو التحري والاحتياط فإنما هي مبشرة أومنذرة فلا يعول عليها في الأحكام الشرعية. وعليه فلا حجة لما يفعله بعض المتصوفة وغيرهم من التعلق بالرؤى.

أهمية الرؤى في الإسلام وأنها قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية؛ فالنبي صل1 إنما شفع ودعا بسبب رؤيا الطفيل. ولكن ينبغي الاحتياط في هذا الباب بعد عصر النبوة؛ فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[17 Sep 2010, 05:10 ص]ـ

بارك الله فيك أخي حاتم ..

ولا أظن هذا مراد الشيخ وإلا لما كان هناك داع لقوله:

فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة

فالمعارضة إنما تكون بين الحجج لا بين الأسباب على المعنى الذي ذهبتَ إليه ..

ومع ذلك: فالرؤى عند أهل السنة من جنس الحجج وليس هذا القول مختصاً بالصوفية، ولكن يضبطها عند أهل السنة ما ذكرتُ ..

ـ[عيسى السعدي]ــــــــ[17 Sep 2010, 06:06 ص]ـ

بلى هذا مرادي أبا فهر وكلامي واضح فالرؤى في عصر النبوة قد تكون سببا لتشريع بعض الأحكام كما حصل في قصة تشريع الآذان أما بعد عصر النبوة فالرؤيا إنما يستأنس بها إذا لم تعارض حكما شرعيا! وهذا أمر بدهي معروف وكلامي واضح ولكن للأسف بدا لي من خلال تعليقاتكم أكثر من مرة أنكم إنما تبحثون عن العثرات وتحملون الكلام مالايحتمل وليس هذا شأن المنصف من أهل العلم فحسبنا الله ونعم الوكيل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير