[التذكير والتأنيث في اللغة]
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[01 Sep 2010, 10:01 ص]ـ
يقرر النحاة أن " التأنيث فرع التذكير " ومعنى هذا أن " الأصل في الاسم: أن يكون مذكرا" أما التأنيث فهو طارئ عليه. وقد يكون هذا لاعتبارات عرفية اجتماعية قبل الإسلام، ودينية بعده، ولسنا هنا بصدد بحث ذلك، وقد يفسر بميل العربية إلى الإيجاز والاقتضاب.
وأيا ما كان، فالتأنيث إذن عند العرب – قبل النحاة – ضرورة، والضرورة مصطلح فقهي، يتعلق بالاضطرار والحاجة، بمعنى: أنه لا يصار إليها إلا عند الحاجة ليس إلا. ووفقا لما تقدم، فلا يجوز تأنيث ما لايُحتاج إلى تأنيثه، كالصفات التي تنفرد بها الأنثى، مثل (حائض – حامل – كاعب – ناهد- ناشز – طالق – مرضع) ولكن إذا خشي اللبس، فعندئذ يجب – ليس يجوز فقط – أن تخالف القاعدة العامة، فيؤنث ما يلتبس فيه الأمر، وهذه القاعدة ليست قصرا على عصور الاحتجاج فحسب، بل إنها تمتد لشتمل كل زمان ومكان في الحاضر والمستقبل.
ولعل أقدم مثال يشهد للقاعدة السابقة (مرضع – مرضعة) فإذا كانت التي ترضع غريبة عن رضيعها، وإنما أرضعته مقابل أجر (فهي تمتهن الإرضاع) أو بلا أجر، فلا حاجة إلى التأنيث. أما إذا كانت المرضع هي أمه التي ولدته، فحينئذ لابد من التمييز بينهما، فتقول العرب "مرضعة" وعلى ذلك جاءت لغة التنزيل تعالى " يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ" الحج: 2، لتزيد من هول موقف اليوم الحق، حتى إن الأم تتخلى عن ابنها الذي حملته في بطنها، وأرضعته من لبنها.
وكذلك لابد من التفريق بين الأنثى التي تحمل في (بطنها) والتي تحمل في يدها، أو على رأسها؛ فتقول العرب (حاملة) وهي غير (حامل) كقولك "جاءت الطالبة حاملة كتبها". وقس على ذلك ما يستجد من مظاهر الحياة؛ فمثلا (طالق) إذا كانت العصمة بيد الزوجة (بمعنى أن لها حق التطليق) فيجب أن يقال امرأة (طالقة) وإذا صدر قانون يلزم الزوج بلزوم بيت الزوجية فخرج منه أصبح ناشزا و هي (ناشزة) وكذلك عانسة .. وغير ذلك مما يشترك فيه الجنسان.
وإذا استحضرنا ما سبق فلسنا عندئذ بحاجة إلى شواهد شعرية - ولو كانت تعود إلى العصر الجاهلي - كقول الأعشى:
أيا جارتى بيني فإنك طالقه
أو الأموي، كقول الفرزدق:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي ... كساع إلى أسد الشرى يستبيلها
وقول ذي الرُّمّة:
أذو زوجة [1] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1) بالمصر أم ذو خصومة ... أراك لها بالبصرة اليوم ثاويا
وإذا كان لم يرد في التنزيل العزيز سوى التذكير لـ (زوج) مفردة مؤنثة "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ" الأنبياء:90، وجمعا مؤنثا (أزواج) " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " الأحزاب:6، فلا يعني ذلك أنه لم يرد في فصيح كلام العرب – وفي عصور الاحتجاج – (زوجة).
- يلحق النحاة بهذا الباب وزن (فعول: كسول – غضوب – صبور – حنون .. ) مما يشترك فيه الجنسان، أما مثل (عروب) فلا داعي لتأنيثها؛ فهي كـ (حائض) مما تختص به الأنثى، وهو لا يؤنث حتى في لغة الإعلام فيقال "أم: حنون – عطوف – رؤوف – رؤوم" وبعض اللهجات العربية - كاليمنية والعراقية - لا تؤنث عجوز، ولاتعبر بها سوى عن المؤنث، كما في التنزيل {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} هود72 أما المذكر فيقال له في اليمن "شيبة".
- يلحق النحاة بهذا الباب أيضا وزن (فعيل: جريح – قتيل - أسير) وإن كان أقل من سابقه، وأرى أن هذا خطأ، سببه القياس على ما في التنزيل " {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} الأعراف: 56، وأما سوى ذلك فلا يحظى بما تحظى به شواهد (فعول). ويبدو أنه من بقايا لغة العصر الجاهلي، وإلا فإننا نعرف من ألفاظ العصر الإسلامي (جميلة – عجيبة – طريفة).
- لابد من استثناء شيئين هما دائما فوق اللغة، وهما العلم (رؤوفة – صبورة – حنونة) والمصطلح، خاصة اسم الآلة المعروف عند أصحاب المهن والحرف.
- - علامات التأنيث:
هي في اللغة ثلاث: التاء المربوطة - الألف المقصورة – الألف الممدودة.
وعلى ذلك يقسم النحاة التأنيث إلى ثلاثة أقسام:
¥