[إعجام الياء المتطرفة وإهمالها]
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[07 Oct 2010, 11:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر أخي البَحَّاثة الأستاذ فيصل المنصور – وفقه الله - سلسلة دروسٍ مفيدةٍ في الإملاء في ملتقى أهل اللغة، وكان مما لفتَ نظري في أحد هذه الدروس قوله: " والياءُ صورتُها على التحقيقِ (ي)، لا (ى) كما يَرسمُها بعضُ أهلِ الأقطارِ، لأنَّها إذا كانت تُنقَط في الوصلِ، فالقياسُ نَقطُها في الانفصال أيضًا. ولأنَّ في تركِ نَقطها التباسًا لها بالألف المقصورة، والرسمُ مبنيٌّ على إزالةِ اللَّبسِ ".
فَهَاكَ تَحْشِيَةً على قول الأستاذ، توضح غامضه، وتُفَصِّلُ مُجْمَله، وتُبْرِزُ فوائده من التلويح إلى التصريح.
اختلف علماء الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمُون في إعجام الياء وإهمالها إذا انفَصَلَتْ أَوْ تَطَرَّفَتْ، وامتدَّ هذا الاختلاف إلى عصرنا الحاضر، فتارة يرسمها بعضُ أهل الأقطار ياءً مُهْمَلَةً (ى)، وهذا مذهب كثير من الناشرين والمُحَقِّقِينَ المصريين، وتارة يرسمها آخرون ياءً مَنْقُوطَةً (ي).
وكان علماء الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمُون قد عَلَّلُوا استغناءهم عن نَقْطِهَا في حالة الإفراد والتطرف بمخالفتها غيرها في الصورة، فالياء عندهم لا تشتبه بغيرها حينئذٍ، قال الداني «المحكم ص36»: " ورُوِيَ عن الخليل بن أحمد أنه قال: ... والياء إذا وُصِلَتْ نُقِطَتْ تحتها اثنتين، لئلا تلتبس بما مضى، فإذا فُصِلَتْ لم تُنْقَطْ ".
وقال ابن درستويه «كتاب الكُتَّاب ص96»: " ومنها ما اسْتُغْنِيَ عن نَقْطِهِ في حال انفراده لمخالفته غيره في الصورة عند انفراده، وأُلْزِمَ النقط عند اتصال ما بعده لاشتباهه في هذه الحالة بغيره، وذلك أربعة أحرف: الفاء، والقاف، والنون، والياء ".
وقال القلقشندي «صبح الأعشى 3/ 159»: " وأما الياء فإنها تنقط بنقطتين من أسفلها، وإن كانت في حالة الإفراد والتطرف في التركيب لها صورة تخصُّها: لأنها في حالة التركيب في الابتداء والتوسط تشابه الباء، والتاء، والثاء، والنون، فيحتاج إلى بيانها بالنقط لتغليب حالة التركيب على حالة الإفراد كما في النون ... ".
ومن الطَّرِيفِ أَنَّ الكُتَّابَ قديما كانوا يكرهون " الشَّكْلَ والإِعْجَامَ إلا في المواضع الملتبسة من كُتُب العظماء إلى مَنْ دونهم، فإذا كانت الكُتُبُ ممن دونهم إليهم، تُرِكَ ذلك في الملتبس وغيره، إجلالا لهم عن أَنْ يتوهم عنهم الشك وسوء الفَهْم، وتنزيها لعلومهم وعلوم معرفتهم عن تقييد الحروف " «الصولي: أدب الكُتَّاب ص57»، ورُوِيَ عن بعض الأدباء أنه قال:
" كَثْرَةُ النَّقْطِ في الكِتَابِ سُوءُ ظَنٍّ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ " «القلقشندي: صبح الأعشى 3/ 154».
والقياس أَنْ تُنْقَطَ الياءُ في الانفصال كما تُنْقَط في الوصل، لئلا تلتبس بالألف المقصورة، والنَّقْطُ وُضِعَ لِيَزُولَ اللبس ويَذْهَبَ الاشتراك، وهو كما يقول ابن درستويه «كتاب الكُتَّاب ص94»: " زيادةٌ تلحق الحرف فرقا بينه وبين غيره "، وإذا كان " الكُتَّاب يزيدون في كتابة الحرف ما ليس في وزنه، ليفصلوا بالزيادة بينه وبين المشبه له " «ابن قتيبة: أدب الكاتب ص213»، كما في نحو (أولئك)، وَ (عمرو)، و (مائة)، فمن الأولى إعجام الياء في الإملاء الحديث فَرْقًا بينها وبين الألف المقصورة، وإذا كان أهل عصرنا قد فسدت ألسنتهم، ودخل اللحنُ على كثير منهم، وصاروا لا ينطقون على سجيتهم، فالأجود نَقْطُ الياء في جميع حالاتها، فَصْلاًً بين مشتبهين، دفْعًا للبس والوهم والخطأ، وتيسيرا للقارئ، وتحقيقا للمطابقة بين المنطوق والمكتوب.
والله أعلم.
عمار محمد الخطيب
2010 - 10 - 04
http://www.arrakem.com/ar/Index.asp?Page=270 (http://www.arrakem.com/ar/Index.asp?Page=270)
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[08 Oct 2010, 09:38 ص]ـ
وهذا الذي كنت أميل إليه من زمن بعيد
فإنني لم أجد مسوغاً مقنعاً لترك الياء عارية عن النقط
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[08 Oct 2010, 05:22 م]ـ
أحسنت فهذه من الأمور التي يجب أن تراعى في الكتابة، وقد كانت مطابع مصر القديمة تحرص على وضع الكسرة قبل الياء حتى تبين للقارئ أن هذه ياء، وربما لم توضع هذه الكسرة فيحصل لبس، ولقد عزمنا على مناقشة هذه القضية وغيرها كشكل السكون، والتنوين قبل أحرف الحلق، ورسم الهمزة المكسورة المتوسطة وغيرها في المصحف الذي تعزم جامعة تكريت على طباعته تحت إشراف أستاذنا الدكتور غانم قدوري، وقد اجتمعنا يوم الأثنين الماضي الاجتماع الأول بحضور المشرف الكريم وعرضنا بعض الأفكار حول المنهجية في كتابة المصحف، أرجو كل من لديه ملاحظة على قضايا الرسم والضبط في المصحف الشريف من المختصين طرحها في هذا الملتقى المبارك لمناقشتها والاخذ بها إن كانت تتسم بالتيسير والتأصيل، حتى نخرج مصحفاً يتسم بالأصالة والتيسير.
¥