تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات حول ليلة القدر]

ـ[آمال ابراهيم أبو خديجة]ــــــــ[05 Sep 2010, 05:37 ص]ـ

[تأملات حول ليلة القدر]

تميزت هذه الأمة برفع مقدارها وقدرها من الله في أمور كثيرة، ومن أهم وأعظم ما رفع الله به هذه الأمه عن غيرها أن بعث لها نبيا رسولا معلما للناس كافة ورحمة للعالمين، وكان مما أكرم به نبيه وأمته من بعده أن أنزل الدستور والمنهج العظيم الذي يكون فيه سعادة الفرد والمجتمع إن اتبع ما فيه واتخذه منهجا و قائدا يوجه به كل خطوات حياته، ومما خص به الله هذه الأمة أيضا أنه اختار لها أوقاتا وأزمانا فيها من الخير والفضل العظيم الذي يكون فيه فرصة للإنسان أن يجدد ذاته ويحاسبها ويعاهدها مع خالقها للبدء من جديد في معاملاتها وسلوكياتها في الحياة، ليعيش الإنسان على الأمل والتفاؤل ولا ييأس من روح الله ولا يقنط مهما كثرت ذنوبه ومعاصيه.

فكان شهر رمضان الذي فرض فيه الصيام على الناس ليكون فيه تدريب للنفس وتهذيب لها لتكف عن أفاتها، ومن عظيم ما خص به هذا الشهر وفضله أن جعل فيه ليلة القدر، وهي من أعظم الليالي التي شرف الله بها المؤمنين وأمة الرسول الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، فجعلها ذات قدر عظيم وشرف بالغ لما فيها من الكرامات والبركات المنزلة من الرحمن، وفيها من العبادات والأفعال التي تصدر من المخلوقين فتنير الكون كله بالبركة والخير والفضل العظيم المنزل من الله الرحمن الرحيم.

ومن أهم أسباب تعظيم هذه الليلة ورفع قدرها أن أنزل الله سبحانه فيها القرآن العظيم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت بداية تغير الكون والحياة للناس كافة، وبداية لمحق الضلال والظلام ليشرق نور الله في الأرض، بداية تشريع السعادة للناس على هذه الأرض في تلك الليلة العظيمة التي تشرفت بنزول كل ملائكة الرحمن لتحتفل بذلك الحدث العظيم ويكون فيه شكرا وحمداً لله على ذلك التنزيل في كل عام، كما أنها الليلة التي يريد الله لعباد أن ترتبط قلوبهم بذلك الحدث العظيم من خلال معرفة كتابة سبحانه وفقهه وفهمه ليكون سببا لسعادتهم ويكون فرقانا يفرق به كل أمر حكيم.

ومن عظيم مقدارها أن الله بين للإنسان أنه عاجز عن معرفة مقدارها واستيعاب ما سيكون فيها من الكرامة والفضل من الله، فلا يستطيع إدراك قدرها وشرفها لما فيها من الخير العظيم الذي يقدره الله في تلك الليلة لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، فلعل الإنسان يظن بنفسه أنها ليلة كباقي الليالي والأيام فلا يعطيها حق قدرها فيغفل عن الإجتهاد فيها، بل هي الليلة التي أنزل فيها الخير كله للناس.

لكن الله يريد لهذه الأمة تشريفا ورفعة فيقدر الله لها الأشياء والأمور من حولها، فكان من تقديره سبحانه أن جعل ليلة القدر تساوي في فضلها وجزائها كألف شهر مما يعده الناس في أيامهم، فهذا مما يدفع ويعزز المؤمن لاستغلال ذلك الوقت العظيم ولا يضيع لحظة من عمره في لهو أو لعب أو معصية، إنها الليلة التي يقبل فيها العباد على خالقهم يتنافسون في ذلك الوصول للفوز بالفضل والنجاة والعتق من النار، إنها ليلة الفرح والأمل الذي يبث في قلوب المسرفين على أنفسهم، والذين غفلت قلوبهم بالمعاصي والذنوب فعادت لخالقها منكسرة ذليلة نادمة باكية، تطرق باب فضله فلا يرد الله من يدعوه في تلك الليلة بيدين فارغتين بل تملأ بالكرم والعفو والمغفرة من الله.

فأنت أيها الإنسان أكرم من خلق الله على هذه الأرض وسخر لك كل شئ كي يسير موجها لسعادتك ونجاتك، فمن حب الله لعباده أن يجعل لهم الفرص العظيمة التي يغتنم بها المؤمن فعل الخيرات فتتضاعف الحسنات والأجر من الله، كما أن من عظيم هذه الليله إن أحياها الإنسان المؤمن على طاعة الله سبحانه وعمل للخيرات أن تزيد بركة ذلك الإنسان في كل أمر من أمور حياته وبعد مماته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير