تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مراهقة الشيوخ]

ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[23 Aug 2010, 06:36 م]ـ

[مراهقة الشيوخ]

يعيش الانسان فوق هذه البسيطة ثلاث مراحل أساسية بنص القرآن إن لم يحن أجله قبل ذلك، قال تعالى: " الله الذي خلقكم من ضعف، ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة، يخلق ما يشاء وهو العليم القدير". الروم /54. ولكل مرحلة مميزاتها وخصائصها ومكتسباتها الدنيوية والأخروية، فمثلا مرحلة الشباب هي مرحلة القوة، نار تحرق إذا ما وقع صاحبها في المراهقة السلبية، واتبع شهواته ونزوات النفس، أو نور يضيء، حيث يمر صاحبها عبرها بسلام ويغتنمها لدنياه وآخرته فيحصل على كسب قل نظيره، يتمثل في مكتسبات دنيوية؛ تحقيق النجاح الدراسي، أو المهني أو غير ذلك. ومكتسبات أخروية؛ متمثلة في ظل الرحمان يوم لا ظل إلا ظله، أخبر عنه المصطفى صل1 في حديثه: " سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم شاب نشأ في عبادة الله ".

لكن الملاحظ أن هذه المراهقة لم تعد تقتصر على الشباب، بل انتقلت إلى أناس تجاوزوا سن الأربعين بل أحيانا الخمسين إن لم نقل الستين، فتجدهم يقعون في التصابي والطيش في هذه السن المتأخرة من حياتهم.

وهي ظاهرة إن حدثت من شباب فهي قبيحة إن أثرت سلبا على حياتهم، وهي أقبح إن ظهرت من شيوخ قد فنيت أعمارهم. وبدلاً من أن يكون لظهور الشيب تمام العقل والرزانة والتأني، فإذا بالأحوال تنقلب فيركب الانسان هواه، ويظهر عليه الطيش، ويضيع الأهل والأبناء ..

إنها ظاهرة أخبر الحبيب المصطفى صل1عن ظهورها وبروزها، وبأنها من أشراط الساعة، حيث أخرج أبو داود في سننه عن ابن عباس رض1 قال: قال رسول الله صل1:" يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة" [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn1)، أي يغيرون من خلقتهم بما يظهرهم في غير حقيقة سنهم، ويقومون بأعمال صبيانية لا تليق بعمرهم، من غمز للنساء في الطرقات، وإلقاء الكلمات عليهن دون حياء أو خجل، ولبس لباس تجاوز عمرهم بعشرات السنين. وهي ظاهرة لها أسبابها ومظاهرها وطرق علاجها.

أولا: أسباب بروز هذه الظاهرة:

1 - الخوف من الهرم: فالشباب والصحة وحب المغامرة سمات يسعى الجميع للتحلي بها والمحافظة عليها أطول فترة ممكنة من الحياة، إلا أنه من سنة الحياة؛ أن يمر الانسان بمراحل مختلفة خلال مسيرة حياته. فمن الطفولة إلى المراهقة الى الشباب ثم الشيخوخة، لكن، هناك أشخاص من كلا الجنسين يعودون لفترة المراهقة بعد تقدمهم في العمر بكل دقائقها وتفاصيلها؛ من اضطرابات نفسية وفشل في اتخاذ القرارات الصحيحة وغيرها من صفات المراهقين. ولحسن الحظ أن نسبة قليلة جدا من الناس هي التي تظهر عليها هذه الحالة. لكن من المعلوم أن الهرم مسألة طبيعية، تأتي في سياق الحياة بعد مرحلة الشباب والكهولة، ليس لها دواء، وليس بعدها سوى الموت. والانسان بطبعه حريص على البقاء والخلود والشباب، وهذا أمر لا يمكن أن يحصل هنا في الدنيا، لكنه يتحقق للانسان في الآخرة، كما أخبر الصادق المصدوق في قوله صل1:" ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا .. ". [2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn2)

إذن بتجديد الايمان بقدر الله، والايمان بتغير الحياة الطبيعي الذي يحصل للانسان، يعيش الانسان كل مراحل حياته بحلوها ومرها دون أن يقع له تغيير سلبي في حياته.

2 - ضعف الإيمان: كلما كانت الاهتمامات طينية أرضية، صغرت النفوس والعقول والاهتمامات، وبدلا من استشعار قرب الأجل ودنوه، وضرورة المسارعة في الخيرات نجد العكس، حيث يزيد بعض الناس من التفكير في الشهوات ومتع الحياة والملذات، وهذا ليس عيبا إن كان في المباحات غير السلبية والحلال المشروع. وقد بين الرسول صل1 خطورة هذا الانحراف غير الطبيعي وحذر منه بقوله:" أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة ". [3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn3) وفي رواية الامام أحمد:" لقد أعذر الله إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة، لقد أعذر الله لقد أعذر الله إليه ". [4]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير