تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لمحة عن عقيدة التخلق بأخلاق الله.]

ـ[عيسى السعدي]ــــــــ[11 Sep 2010, 10:54 م]ـ

http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png

يدعو بعض المتكلمين إلى التخلق بأخلاق الله تعالى؛ ويستدلون على ذلك بحديث: (تخلقوا بأخلاق الله)، ويبدو أن الدافع الأساس لهذه الدعوة هو التأثير الفلسفي لا اتباع الحديث؛ لأن هؤلاء المتكلمين لايقبلون حديث الآحاد حتى لو كان في الصحيح فضلا عن حديث كهذا لا يُعرف له أصل في شيئ من كتب السنة!

وبقطع النظر عن الدوافع والمقاصد فإن الدعوة إلى التخلق بأخلاق الله تعالى لها محملان: -

أحدهما: محمل صحيح؛ وهو اتصاف العبد بما يناسبه من صفات الله تعالى؛ كالعلم والرحمة والحكمة ونظائرها؛ كما في حديث: (إن الله طيب لايقبل إلى طيبا) وحديث: (إن الله جميل يحب الجمال).

وتقييد الصفات بمايناسب العبد يخرج الصفات التي لا يجوز للعبد الاتصاف بها؛ كالألوهية والكبر والجبروت! فإن هذه خاصة بالرب لايجوز أن يشاركه فيها أحد ادعاءً كما أنه لاشريك له فيها حقيقة!

والثاني: محمل فاسد؛ وهو محاولة الاتصاف بكل صفات الله تعالى؛ بناء على القاعدة الفلسفية الشهيرة غاية الحكمة ونهاية الكمال الانساني التشبه بالإله على قدر الطاقة!! وهذه المحاولة تعم حتى الصفات المختصة بالله تعالى؛ كالتأله مثلا؛ بل إنني أكاد أجزم أنهم إنما يقصدون هذا الضرب من الصفات؛ لأنهم من أكبر أهل التعطيل؛ فغاية أحدهم أن يكون نداً لله تعالى لا عبداً له! وهذا سر الفلسفة الحقيقي؛ ولهذا تجد مقصد أحدهم بعد الموت أن يكون من جنس العقول العشرة التي تخيلوها؛ بريئا من المادة وعلائقها! وهذا هو المعاد الروحاني الذي دانت به الفلاسفة خلافا لجميع المسلمين!

والغريب - ولا غريب من المتكلمين - أن صاحب الدعوة إلى التخلق بأخلاق الإله هو نفسه الذي كَفَّرَ الفلاسفة بالقول بالمعاد الروحاني! وهذا يحقق ما قاله عنه ابن طفيل من أنه يربط في موضع ويحل في آخر ويكفر بأشياء ثم ينتحلها!

ـ[يسري خضر]ــــــــ[12 Sep 2010, 10:23 ص]ـ

جزاك الله خيرا يا دكتور عيسي علي تلك الفائدة نفيسة والتحليل دقيق لهذه الكلمة نعم فموقف المتكلمين من السنة النبوية بل من الكتاب أيضا مما ينبغي التنبه له ومن الرسائل العلمية التي بينت ذلك رسالة الدكتور سليمان الغصن "موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة طبعة دار العاصمة1416هـ وأنا في انتظار فوائدك

ـ[عيسى السعدي]ــــــــ[13 Sep 2010, 06:12 ص]ـ

أشكر الأخوة على كريم مشاعرهم وأوافق الأخ الكريم يسري خضر على ماذكره وأود أن أضيف لكلام فضيلته التنبيه على ظاهرة التناقض عند المتكلمين نقلا وعقلا! فهم يرفضون الاستدلال على العقيدة بخبر الواحد حتى لوكان في الصحيح ثم يقررون عقائد كهذه بأحاديث لاأصل لها! وأيضا فهم يعطلون الصفات الإلهية كما هو معلوم ثم يدعون إلى التخلق بصفات الله! فبم يتخلق العبد وصفات الرب عندهم معطلة؟! ولعل هذا ابتلاء أو عقوبة لهم فقد زعموا أن إجراء النصوص على ظاهرها يستلزم التناقض والتشبيه فابتلاهم الله بهما معا فإن تعطيل الصفات يستلزم التشبيه بالمنقوصات أو الجمادات أو المعدومات أو الممتنعات! والجزاء من جنس العمل وماربك بظلام للعبيد.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Sep 2010, 07:34 م]ـ

أكرِّرُ شُكري وتقديري للأستاذ الدكتور عيسى السعدي - حفظه الله وزاده علماً وتوفيقاً - على هذه الدقائق العلمية المهمة جداً التي يتحفنا بها، وينتقيها لنا بأسلوب العارف الخبير، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى تعاهدنا في الملتقى من الدكتور عيسى السعدي خصوصاً - لما لكتابته من القبول والمتانة - بالبيان لأهم كتب العقيدة الصحيحة ومناهجها ومسائلها.

حيث إننا - لكثرة استغراقنا في التخصص العلمي - نحتاج إلى التذكير بأبرز وأهم مسائل وكتب الاعتقاد والمميز من الصادر حديثاً فيها والتي لا يستغني عنها المتخصص في القرآن الكريم وعلومه.

وقد فرغتُ قبل أيام من قراءة كتاب (الاعتصام) للإمام الشاطبي رحمه الله، بعد أن كنت قرأته للمرة الأولى عام 1412هـ ونحن ندرس مقرر العقيدة في كلية الشريعة بأبها، واستفدت منه فائدة كبيرةً جداً، وشعرتُ كأنني أقرؤه لأول مرة، ولولا تعليقاتي بخطي على الكتاب لشككتُ أنني قرأته من قبل!

وأضمرتُ في نفسي أن أطلب من شيخنا الدكتور عيسى السعدي أن يتعاهدنا بالإشارة إلى مثل هذه الكتب الأمهات التي يشعر القارئ لها بفائدة كبيرة جداً في تأصيل علمه، والاطلاع على ثَمرات عقول هؤلاء الأئمة الكبار، ليسلم من إهدار وقته الثمين في التشتت بين مؤلفات لا تستحق العناء ولا يخرج منها القارئ بثمرة علمية كبيرة توازي الوقت المبذول في قراءتها والاطلاع عليها. وليت أخي الدكتور عيسى يلخص لنا رأيه في القيمة العلمية للاعتصام والإضافة المميزة التي أضافها لكتب الاعتقاد.

وفقكم الله شيخنا العزيز وتقبل منكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير