تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هُبَل والمؤمنة الصامدة: قصة سترويها الأجيال، لاعنةً أشباه الرجال!

ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[31 Aug 2010, 10:54 م]ـ

هُبَل والمؤمنة الصامدة:

قصة سترويها الأجيال، لاعنةً أشباه الرجال وفقهاء الأبوال!

إبراهيم عوض

منذ اندلاع أزمة تلك السيدة النبيلة التى ظُفْر قَدَمها برقاب الملايين من أشباه الرجال ممن خَرِسُوا وتركوها تقاسى وحدهابطش محكمة التفتيش العصرية المنصوبة فى واحدة من الديار الإسلامية بمباركة حكومتها الوطنية وتواطؤ مواخير ما يسمىَّ بـ"الحقوق الإنسانية"، منذ اندلاع تلك الأزمة وأنا لا أستطيع أن أهدأ. وكلما بدا أن أعصابى قد استرخت قليلا عادت صورة السيدة المؤمنة الشجاعة تتمثل فى خيالى وهى تقف فى مواجهة هُبَل الأكبر صُلْبةً تتلو آيات القرآن المجيد، بينما هو يعزّم عليها بتعزيماته الوثنية المتعفنة، مما أشعل غضبه الشيطانى فكلف بعض زبانيته بممارسة أعمال السحر عليها وإعطائها بالقوة والكَرْه أدويةً تؤدى إلى الجنون، إحساسا منه بالقهر والعجز والحقارة أمام ذلك الصمود الأسطورى الذى صمدته تلك السيدة العظيمة فى وجهه ووجه كل قوى الظلام والإجرام والخفافيش، ذلك الصمود الذى لم يضعه أبو اللات والعُزَّى فى حسابه قط ولم يَجْرِ له فى خاطر، وبخاصة وهو يرى كبار من ينتسبون زورا وكذبا إلى جنس الرجال يخرّون أمامه على حذائه يلعقونه لعقا لعله يرضى، وهو لا يرضى أبدا ولن يرضى، بل يكلف صبيانه خارج الديار الموكوسة أن ينتظروا المسؤول الأكبر ويُقِلّوا أدبهم عليه ويهددوه بالويل والثبور وعظائم الأمور وينادوا بالتدخل الأعجمى كى يتحقق لهم حلمهم القديم بإخراج أهل البلد منها على بَكْرَة أبيهم فيعيشوا دون منغصات، إذ يظنون أن أحدا لن يجرؤ ساعتئذ على كشف ما فى فكرهم وسلوكهم وأخلاقهم من عورات ومصائب متلتلة تنهد منها الجبال وتميد الأرض مَيْدًا. والغريب أن هذه التصرفات الهُبَلِيّة تقع على قلب الدولة مثل العسل، على حين لا تطيق أن يفتح مسلم فمه مجرد فتح، إذ تغلقه له بالشمع الأحمر، بل تخيطه له بالمسلة والدوبارة فى الحال، وتزجّ به فى غَيَابة السجن إلى أبد الآبدين، فلا يخرج إلا مع الموتى حين ينهضون من قبورهم يوم الدين، وتريه النجوم فى عز الظهر، وتحيل حياته وحياة الذين خلّفوه إلى جحيم، وأى جحيم، وتجعله يلعن اليوم الأسود الذى فتح فيه فمه. نعم، كلما ظننت أن أعصابى قد استرختْ بعض الشىء عُدْتُ فتمثلتُ صورت هذه السيدة العجيبة وهى تعتصم بربها وكتابه الكريم فى مواجهة هُبَل العصر المسعور، فعندئذ يعود الألم طاغيا من جديد بعدما ظننتُ أنه قد شرع فى الهدوء، ولكن هيهات، فقد فضحتنا جميعا بطولة تلك السيدة وصلابتها وأرتنا هواننا واستخذاءنا وارتكاسنا فى المذلة والخنوع.

والواقع أن ما صنعته السيدة المؤمنة إنما هو الإعجاز بعينه. ولكى نعرف قيمة هذا الذى صنعته تلك البطلة الحرة الشريفة فلْنَقِسْه بما صنعه من يُسَمَّوْن بـ"العلماء" مثلا، إذ سكتوا سكوت الحيطان، بل أسوأ من الحيطان، لأن الحيطان لها آذان، أما هؤلاء فلا عيون ولا آذان ولا قلوب ولا لسان، فهم صُمُّ بُكْمٌ عُمْىٌ، وهم لا يعقلون ولا يحسّون، ومن الرجولة والشجاعة محرومون، وبكل لغة ملعونون. لقد ضاعت من أفواههم ألسنتهم وكأن الله قد انتزعها انتزاعا، وانخلعت أفئدتهم من صدورهم انخلاعا، مع أن أحدا لا يستطيع أن يلمس جبة أى منهم. إلا أن الجبن المتأصل عند بعض البشر وانطباعهم على الخنوع والذلة يخرس ألسنتهم ويملأ قلوبهم بالرعب المُشِلّ فلا ينطقون ببنت شفة. ألا لعنة الله على كل جبان خسيس لا نرى خلقته الكريهة ولا نسمع صوته المنكر القبيح إلا حين يتكلم فى حكم شرب البول (بالله هل رأيتم أحدا يشرب البول أو يفكر فى شرب البول؟)، وإلا حين يموت صبى لا تربطه به آصرة ولم يره فى حياته قط ولا يعرف عنه شيئا، فيظهر من التوجع والتضعضع ما لو أن جبلا أناخ عليه بكلكله ما توجع ولا تضعضع مثله، ولم يبق له إلا أن ينهنه كالثكلى التى حُرِمَتْ وحيدها، كما يتألَّى على الله سبحانه، مفتيا بأنه من أهل الجنة، تلك الجنة التى لن يَرِيح رائحتَها أىُّ جبان منافق بمشيئة الجبار القهار جراء ذلته وخذلانه لتلك السيدة التى تَرْجَح الآلافَ بل الملايين من أمثاله وتقول: هل من مزيد؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير