الشبلي في وصيته لأحد أصحابه: " كلامك كتابك إلى ربك فانظر ماذا تملي عليه ". [11] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn11)
هذا بعض ما ذكر في عظمة الصمت والسكوت، وهو جليل في بابه، لكنه مرتبط بالسكوت عن الشر، والسكوت عن فعل المنكر، والسكوت عن الغيبة والنميمة، والسكوت عن الزور، والسكوت عن الكذب وهلم جرا ...
أما الكلام المفيد، والكلمة الطيبة فأجر أعظم وأفيد، إذ الأمة خلقت لتتكلم لا لتسكت، فقد نقل عن أبي القاسم القشيري رح1 انه قال:" السكوت في وقته صفة الرجال، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال ". [12] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn12)
لأن المتحدث عن الصمت وحده، قد يُفهم المستمعَ أن ثقافة الصمت هي الأسلم والأفيد في واقع كثر فيه الكلام الساقط، وكثرت فيه سلاطة اللسان البذيء، وكثر فيه الجهل بالدين، وكثر فيه المنكر، فإن قلنا بمبدأ الصمت المطلق، فهذا يعني تكريس ثقافة الصمت عن الحق وعن الخير، مع أن حديث النبي صل1واضح بين حيث قال:" فليقل خيرا " وبدأ بها.
لهذا ينبغي لنا أن نتعلم كيف نجيد الكلام والاستماع والحوار مع بعضنا، وأن لا ننسى أن الانسان العاقل يعرف بحسن منطقه لا بطول صمته. وقيل لبعضهم: الصمت مفتاح السلامة. فقال: ولكنه قفل الفهم". [13] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn13)
لقد زين بارئ الخلائق (سبحانه) بمشيئته الحكيمة الإنسان بنعمتي التفكير والتكلم، وفضله بهاتين النعمتين علي كثير ممن خلق تفضيلاً من أنواع الحيوانات وغيرها، لكن ينبغي للإنسان أن يُحسن استعمال هاتين الموهبتين وأن يعرف أي الموهبتين أفضل، الكلام أم السكوت؟!.
فالاسلام أعطى للكلمة مهمة عظمى وضمنها أعمق المعاني وأسلمها، فهو يريد من الانسان أن يكون صالح المنطق مهذب الكلام لا فحش ولا لغو ولا عبث، بل جدية مثمرة ونطق صائب. عن محمد بن يزيد بن خنيس قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده فدخل عليه سعيد بن حسان فقال سفيان: الحديث الذي حدثتني عن أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة رض11 قالت: قال النبي صل1: كل كلام ابن آدم هو عليه إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكرا لله فقال رجل: ما أشد هذا الحديث؟ قال: فقال سفيان: وأي شدته؟ أليس يقول الله تعالى:" يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا" أليس يقول الله: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس"، أليس الله عز وجل يقول:" ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير".
-وسُئل الإمام علي بن الحسين عن الكلام والسكوت ... أيهما أفضل؟! فقال: لكل واحد آفات، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضلُ من السكوت، قيل: كيف ذلك يا ابنَ رسول الله؟! قال: لأن الله (عز وجل) ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استُوجبَت ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام! ما كنت لأعدل القمر بالشمس إنك تصفُ فضلَ السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت.
-وقال سفيان الثوري:" كان يقال: الصمت منام العقل والمنطق يقظته، ولا منام إلا بيقظة ولا يقظة إلا بمنام " [14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn14).
لهذا قال سبحانه:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا". وقال سبحانه:" ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال لعلهم يتذكرون ".
فلماذا إذن الغيبة والله يقول:" ولا يغتب بعضكم بعضا ".؟.ولماذا النميمة والسخرية، والتنابز بالألقاب، واللغو وشهادة الزور، والكذب، وإفشاء الأسرار واللعن والمراء والجدال والخصومة ... ؟.وأين نحن من الصدق والقول الحسن، وخفض الصوت .. ؟.
¥