فإن فهمنا هذه الآيات واعتبرنا بهذه الحكايات فأنا وأنت ومن فهم كيس فطن، وإلا فكلنا عاجز متمن، كما قال النبي صل1: " والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني". [6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn6)
أي من لم يكن كيسا فطنا فهو عاجز تابع لهوى نفسه، ويتمنى على الله الأماني، والله تعالى يقول:" ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ".
نعم، الحقيقة المرة، هي أن مسلمي اليوم في زمننا لا يخرجون عن هذا الأثر بألفاظه التي ورد بها، أو المصحفة، فالمسلم إما أن يكون كيسا فطنا بما ذكرنا من شروط، وإما هو كيسُ قطن، عاجز يهوى ويتمنى ولا يعمل. يريد الربح والكسب السريع دون جهد أو عنت، يريد الجنة ولما يعمل لها، يريد النجاة من النار ولما يهرب منها، يريد مغالبة الشيطان وهو سائر وراء شهواته ونزواته.
ومعنى كيسُ قُطن، أي: أنه قد يستغفل، وقد يباع، وقد يشترى، وقد ينسج منه ويلعب به، سواء فيما يتعلق بعقيدته، أو بعبادته، أو بأعماله.
كيسُ قُطن أي: أنه غافل أو مستغفل، لا ينتبه بسرعة، ولا يفطن للأخطار المحدقة به، والرسول صل1 علمنا ونبهنا وربانا بأحديثه كيف يكون المؤمن، وكيف يجب أن يعمل ويحتاط، ومما قاله صل1:" لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين". [7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn7) ومعناه المؤمن الممدوح الكيس الحازم الذي لا يستغفل، فيخدع مرة بعد أخرى ولا يفطن لذلك. ويعني أيضا: أن المؤمن قد يناله ضرر من تجربة أو عمل أو تقليد أو اتباع، لكنه لا يتجنبها لكي لا يقع فيها مرة ثانية، أليس هذا كيس قطن، يمكن أن يملأ في أي وقت بما يراد له.
فكم استغفلت من مرة ايها القارئ في عمرك، وكم أصابك الضرر من أمر أو عمل أو جهة، وما زلت تسير نفس السير، وما زلت كيس قطن يملأونه بما شاءوا من فكر أو سموم.
اقرأ معي هذاالأثر:" لست بالخب ولا الخب يخدعني". [8] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn8). وجاء عن أحد السلف الصالح:" كان كالطير الحذر يرى أن له في كل موضع شركا " [9] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn9). ولنعلم جميعا أن المؤمن كالنحلة أينما وقع نفع [10] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn10). وقد قال في ذلك علي بن أبي طالب رض1:" كونوا في الناس كالنحلة في طيرانه، ليس من الطير شيء إلا وهو يستضعفها ولو يعلم الطير ما في أجوافها لم يفعلوا ذلك بها، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإن للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب ". [11] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn11)
هذا هو المؤمن، حذر، يقظ، نافع غير ضار، يحب الخير لنفسه والناس، يحتاط لنفسه، يحاسبها يراقبها، عاملا بما ينفعها، وليس عاجزا كلا على مولاه أينما يوجهه لا يات بخير.
أحمد العمراني
الجديدة -المغرب
[1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref1)- مسند الشهاب 1/ 107/128، وهو أثر وليس حديثا، قال فيه الألباني حديث موضوع، والسلسلة الضعيفة 2/ 82/760.
[2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref2)- سنن الترمذي:4/ 638/2459.قال الشيخ الألباني: ضعيف.
[3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref3) - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 1/ 338.
[4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref4) - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي:4/ 40.
[5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref5) - صفة الصفوة:734/ 197/4.
[6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref6) - سنن الترمذي:2459/ 638/4. وضعفه الألباني.
[7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref7) - صحيح مسلم: 2998. وصحيح البخاري:5/ 2271/5782.
[8] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref8) - لسان العرب مادة خبب وهو من قول ابن سيرين بلفظ: إني لست خبا ولكن الخب لا يخدعني.
[9] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref9) - فيض القدير:9158/ 256/6.
[10] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref10) - مصنف ابن ابي شيبة:6/ 350/31943.وهو كلام قيل في أبي بكر الصديق.
[11] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref11) - سنن الدارمي: 1/ 104/312.قال حسين سليم أسد: صحيح وهو موقوف على علي.