فإن حصل لك مرادك فإن المنعم المتفضل عليكأولا وآخرا هو الله، فله المنة كلها، فمنه الجودكله.
وإن حرمك فهو الحكيم العليم الرحيماللطيف.
فاطمأننت لخيرة الله لك، وعلمت أن اختياره لكخير من اختيارك لنفسك.
· وحين تتقدم لوظيفةأو معاملة فما أول ما يمر على خاطرك؟!
هل تقفز في مخيلتك صورأسباب و أشخاص معيَّنين تطمع في شفاعتهم لك وتوسطهم عند من تظن أنه يملك الشأن، فتبذل غاية جهدك في استجدائهم ونيل رضاهم لينفعوك؟!
أم أنك تستخير الله تعالىبقلب واثق موقن مطمئن إلى حسن تدبيره وربوبيته لك، وتستخيره فيها، ثم تمضي متعلقالقلب به، متوسلا إليه أن يسخر لك الأسباب لجلب مصلحتك، وأن ينفعك بها، مستعينا بهتعالى على ذلك، فتكون جوارحك عاملة الأسباب وقلبك منقطع منها ومتعلقبربك.
· إن خلوت لوحدك، واستترت عن أعينالخلق، وتهيأت لك أسباب معصية تشتهيها نفسك، هل تنتهز الفرصة، وتنقض عليها انقضاضالجارح على الفريسة؟ وتعلل نفسك بالتوبة بعد قضاء وطرك، وتستغل فرصة غيابك عن أعينالناس؟!
أم تسغيث بالله، وتحتمى وتستعيذ به، وتسأله أنيعصمك منها، وتتبرأ من حولك وقوتك على مقاومتها إلا أن يوفقك بفضله، وتتوب وتستغفرمن هم وقع بقلبك تجاهها، ومن مرورها على خاطرك، وتستحي من اطلاعه عليك، فتذرف عيناكدموع الخشية منه، لمعرفتك بمقامه وسعة علمه واطلاعه، وأنه لا تخفى عليه خافية؟!
· بل كيف حالك حين يسوق الله لكرزقا على يد بعض خلقه، دون تطلع منك، ومما تشتد حاجتك إليه ـ خصوصا ـ هل ينتشي قلبكلذاك الشخص محبة وتقديرا لجميله، ورجاء له، فيمتلئ قلبك ولسانك و جوارحك ثناء عليهعلى صنيعه، ومدحا لنبل أخلاقه، وكرمه وجوده معك، وكيف أن هذه العطية قد أتت فيوقتها، إلى آخر ذلك مما نعرف؟!
أم تشرق شمس الرضا عن الله على قلبك، وتنظرإلى جميل إحسانه، ولطفه وبره بعين بصيرتك قبل عين بصرك، وتزداد يقينا بقربه وبحسنتدبيره لأمور عباده، وبأنه هو المتفضل عليك أولا وآخرا، ظاهرا وباطنا، حيث رزقك مايناسبك في الوقت الذي يناسبك، وعلم بذلك فأعطاك، وسخَّر لك جودا منه وفضلا رزقاساقه إليك على يد عبد جعله الله مفتاحا للخير، فساق لك الخير على يديه، فتحمد اللهبقلبك ولسانك وكل جوارحك، وتمتلئ به رضا، وإليه رغبة ومحبةوطمعا ..
ثم تذكر أنه أمر بشكر من ساق لك الخير علىيديه، ومكافأته، فتكافئه إن استطعت بخير مما أعطاك لكيلا يبقى لأحد عليك منة، وتثنيعليه بما هو فيه، وتشعره بنعمة الله عليك به، وبنعمة الله عليه حيث جعل على يديهخيرا يسوقه لمن يشاء من عباده، وتبشره أن الله يوفق للأعمال المباركة المباركين منخلقه، فتكون مباركا تذكر الناس بمنة الله وفضلهعليهم؟!
كانت تلك بعض المواقف من واقعنا التي يظهرفيها أثر التوحيد على حياة العبد، فمن عاش بهذه الطريقة هو من عاش على "لا إله إلاالله"، وهو من يُرجَى له أن تكون هي آخر كلمه من الدنيا، وأن يكون ممن يثبته اللهبالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ..
فما أجمل الحياة حين تكونبالتوحيد، فلا تحمل ألف همٍّ وهمّ، وإنما تحمل هما واحدا عليه تحيا وعليه تموتوعليه تبعث إن شاء الله، وهو هم رضا اللهتعالى ..
أسأل الله أن يجعلني وكل من قرأ سطوري هذه ممنحقق التوحيد في قلبه، وكان من أهل "لا إله إلاالله" ..
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أضيف إليها ألفآمينًا.
(منقول)