أخي ... من لهذا الدين المتين ـ بعد رب العالمين ـ إلا أنت وأمثالك، ما لم تقم بالعبء أنت فمن يقوم به إذاً؟!
إن الغيرة على دين الله دليل على محبة الله ودليل على الإيمان الصادق في قلب العبد، ومن لا يغار على محارم الله ضعيف الإيمان أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه فيما أخرجه الإمام مسلم بقُوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ).
أرأيت أخي الحبيب إلى البحر العظيم ذو الأمواج الهائلة،إنه يفور غيرةً لانتهاك محارم الله؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن عُمَر بْنُ الْخَطَّابِ ا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((لَيْسَ مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا وَالْبَحْرُ يُشْرِفُ فِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْأَرْضِ يَسْتَأْذِنُ اللَّهَ فِي أَنْ يَنْفَضِخَ عَلَيْهِمْ –أي على عصاة بني آدم-فَيَكُفُّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ-كرما منه ورحمة))،كل ذلك غيرة على محارم الله.
ماذا قدمت لدين الله؟
أخي الحبيب .. هل تعلم أنه في عام واحد بلغ ما جمعته المنظمات التنصيرية مبلغا قدره (193) مليار دولار أمريكي! وقد بلغ عدد المنظمات التنصيرية (23300) منظمة عاملة، وبلغ عدد المنظمات التنصرية التي ترسل منصرين إلى الخارج (4500) منظمة. وبلغ عدد نسخ الإنجيل التي تم توزيعها خلال عام واحد فقط (178,317,000) كتابا، وبلغ عدد الإذاعات والمحطات التليفزيونية التنصيرية (3200) إذاعة ومحطة تلفزة مختصة بالتنصير.
أسلحة الإعلام مدججة لطمس نور فطرة الله التي فطر الله الناس عليها، فهذه مسلسلات وتلكم أفلام وبرامج وأغنيات .. تُذبح فيها الفضيلة، ويُطمس فيها الشرف، حتى صار القُبح عُرفاً والباطل عادة.
ماذا قدمت لدين الله؟
تأمل في الهدهد -ذلكم الطائر الأعجم حين كان في مملكة على رأسها نبي، لم يفهم من ذلك أنه قد أخذ إجازة من أجل ألا يعمل لدين الله.
الهدهد تحرك ليعمل للدين؟ لقد شاهد الهدهد قوما يعبدون الشمس من دون الله،فماذا فعل؟ إنه لم يقف موقفا سلبيا، وإنما ذهب وتحرك وتقصى، وألقى بالنبأ إلى سليمان عليه السلام، باذلا بذلك كل وسعه في تغيير المنكر.
لقد فعل الهدهد ذلك كله دون تكليف مسبق، أو تنفيذ لأمر صادر، وجلب للقيادة المؤمنة خبرا أدى إلى دخول أمة كاملة في الإسلام.
ماذا قدمت لدين الله؟
فالعمل للدين ليس مؤقت بوقت ولا محدداً بزمان ولا مكان وإنما هو وظيفة العمر كله.
أخي المسلم: ليس القيام بأمر الله والدفاع عن الدين والغيرة هو من شأن العلماء وحدهم، بل هو شأن كل مسلم، فكل مسلم بانتمائه للإسلام عامل للدين، ومهما كان فيه من خطأ ومهما اعتراه من تقصير فينبغي أن لا يضيفَ إلى أخطائِه خطأً آخرَ وهو القعود عن العمل للدين.
ولعلَ عمله للدين أن يطفئ حرارة الذنوب وتكاثر السيئات.
ماذا قدمت لدين الله؟
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أوائل اهتماماته صِيَاغَةُ الشَّخصية الدعوية التي تحمل هَمَّ الدين وتبذُل له. وكان أول من دعاه النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام هو أبو بكر الصديق ا، الذي تحرك من أول يوم ينشر هذا الدين حتى دخل بجهوده الدعوية في أول الأمر خمسة مّن المبشرين بالجنة.
وهذا الداعية الكويتي عبد الرحمن السميط يدعو إلى الله في أدغال أفريقيا فيُسلم على يديه ثلاثة ملايين شخص.
وهذه امرأة تدعو بالمراسلة على شبكة الانترنت ويُسلم على يديها الآلاف وهي امرأة مقعدة لا يتحرك مها إلا رأسها.
وهاهو شاب مصري يهتدي على يديه عبر الانترنت ما يزيد على خمسمائة من النصارى.
قال عليه الصلاة والسّلامُ: ((مَن دَعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثلُ أجورِ مَن تَبِعَه، لا ينقص ذلك من أجورِهم شيئًا)) رواه مسلم.
واهتِداءُ رجلٍ واحدٍ بسَبَب دعوتك ونصيحتك خيرٌ لك من أنفَسِ الأموال، يقول عليه الصلاة والسلام: ((فوَالله، لأن يهدِيَ الله بكَ رَجلاً واحدًا خيرٌ لك مِن حُمُر النَّعَم)) متفق عليه.
¥