تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأول ما دخلت على سيدنا فوجئت بأنه أمطرني ضرباً في كل مكان من أنحاء جسدي على يدي ورجلي ورأسي وظهري فعرفت أنه متوصى وبعدها صالحني سيدنا ووجه إلي بعض النصائح ووعدني بعدم الضرب ووعدته بالمواظبة والحفظ وعدم التغيب عنا لكتاب.

يقول الشيخ محمود علي البنا: وذهب والدي إلى مدينة شبين الكوم ليقدم لي طلب التحاق بمعهد شبين الكوم الديني الأزهري ولكن أحد أصدقاء والدي رحمه الله أشار عليه بالذهاب إلى معهد المنشاوي بطنطا الذي يقبل حفظة القرآن مباشرة .. فذهب بي والدي إلى طنطا والتحقت بمعهد المنشاوي، وكنت صغيراً جداً .. ولكن الذي شجعني على البقاء بطنطا .. التفاف الكثير من الناس حولي لسماع صوتي وأنا أقلد الشيخ محمد رفعت رحمه الله ..

وكانت توجه إلي الدعوات للقراءة في المناسبات أحياناً بالمسجد الأحمدي .. وعرفت وقتها بالطفل المعجزة لأنني كنت ماهراً في تقليد أصحاب المدارس الراقية في تلاوة القرآن ولما كان يطلب مني تقليد الأساتذة العمالقة أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي والشيخ محمد السعودي .. لم أتردد وإنما أكون سعيداً جداً ويشجعني المستمعون بالمئات فيزداد الإبداع وأتمكن من الأداء بقوة وأنا في الثانية عشرة من عمري.

يقول الشيخ البنا: أهم شيء في القارئ أن يكون حافظاً ومجوداً للقرآن الكريم بإتقان وتمكن. وأن يكون صوته جميلاً ولديه ملكة التقليد. لأنه يقلد فلاناً وفلاناً من أصحاب المدارس المشهورة والمؤثرة في قلب المستمع مباشرة. وفي النهاية تكون شخصيته هي الواضحة بصوته وأدائه المتميز عندما تسمعه تقول هذا فلان.

ولابد أن يلتحق بمدرسة قرآنية يعشقها هو. ويميل إليها قلبه فيسمع أستاتذته من المدرسة التي يرغبها ويتمشى معها صوته وأداؤه وإمكاناته. وبعد فترة يستقل بشخصيته التي عندما يسمعها المستمع يقول: هذا فلان. وأنا لا أؤيد التقليد المطلق. ولكن يجب أن تظهر شخصية القارئ في النهاية.

التحاقه بمعهد المنشاوي

بمعهد المنشاوي بطنطا عرف الطالب محمود علي البنا واشتهر بين الطلاب بجمال صوته وحسن مظهره وقوة أدائه. مما جعل كل مشايخ المعهد يحبون الاستماع إليه وكذلك الطلاب.

يقول الشيخ البنا: وكان الشيخ حسين معوض رحمه الله شديداً في معاملته مع الطلاب .. فلما تكاسلت يوماً عن القراءة هددني الشيخ حسين بالجريدة التي يمسكها بيده .. فجلست وأمامي جمع غفير من الطلاب ولكنني فوجئت بأنهم ينصرفون مسرعين كل إلى فصله ولم يتبق إلا أنا فقال لي الشيخ حسين: لا تخف استمر في القراءة .. وفي آخر السنة قال لي الشيخ حسين والشيخ محرز رحمهما الله: يا محمود أذهب إلى المعهد الأحمدي (بطنطا) وتعلم القراءات حتى تكون صييتاً لك شهرتك لتدخل الإذاعة لأنك صاحب موهبة فذة قلما تتوفر لأحد غيرك ..

ذهبت إلى المعهد الأحمدي بطنطا وتعلمت القراءات على يد المرحوم الشيخ محمد سلاّم الذي كان حريصاً على انتقاء من يلتحق بمعهد القراءات فيعقد له اختباراً في الحفظ وتجويد الحروف وسلامة النطق ومعرفة مخارج الألفاظ والدقة في الأداء القرآني وحسن المظهر فإذا توافرت كل هذه الشروط في المتقدم إلى المعهد الأحمدي قبله الشيخ سلام .. وأما الذي يكون دون ذلك فليس له مكان بالمعهد الأحمدي للقراءات آنذاك ..

مكث الشيخ البنا عامين كاملين بالمسجد الأحمدي بطنطا يتلقى علوم القرآن والقراءات العشر تتلمذاًَ على يد المرحوم الشيخ محمد سلام ولما بلغ الشيخ البنا الثامنة عشرة انتقل إلى القاهرة بلد العلم والعلماء حيث الأزهر الشريف قبلة الراغبين في المزيد من العلوم والمعارف .. وذلك بعد أن أصبح مثقلاً بالقرآن وعلومه ومتمكنا من تجويده وتلاوته متمتعاً بما وهبه الله من إمكانات عالية وقبول من كل الناس لطريقة أدائه الساحرة التي أهلته لأن يفكر في غزو القاهرة باحثاً عن مجد عزيز وشهرة واسعة.

من شبرا باص إلى القاهرة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير