A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: preg_replace(): Unknown modifier '�'

Filename: controllers/Browse.php

Line Number: 227

Backtrace:

File: /home/soft/domains/al-maktaba.org/application/controllers/Browse.php
Line: 227
Function: preg_replace

File: /home/soft/domains/al-maktaba.org/index.php
Line: 318
Function: require_once

- أرشيف ملتقى أهل التفسير - مسئوليات أدبية بعيدة المدىللدكتور/ محمد عبدالله دراز - المكتبة الشاملة الحديثة
تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>


- 3 - مسئولية المُغرّر بهم (أُذيع في 15/ 2/1957م)

- بينما يتدارس التلميذ والأستاذ قضية المسئوليات الخُلقية في نظر القرآن ..

- قال المربي لتلميذه: هل بقيت لديك يابني شُبهة في أن تَعلُّل الجاني بأنه ارتكب جريمته مُكرهًا، تحت سلطان الأمر من رئيسه، تعلل غير مقبول، لافي دساتير الأرض ولا في دستور السماء؟

- قال الطالب: اني لأعتذر الى الله ثم اليك، ان كنت جادلتك عن أولئك الذين يختانون أنفسهم وهم يعملون طاعةً لسادتهم وكبرائهم، وائتمارًا بأمر رؤسائهم .. لقد كنت أراهم في وضع يجعل اقترافهم للإثم ليس عن طوع واختيار، ولكن عن إلجاء واضطرار. فالآن كشفت الغطاءَ عن عيني في هذه القضية، فتبينت ماهو إكراه، وما هو شبه اكراه، وماليس باكراه، وعرفت أن أمر الرئيس لمرؤوسه بغير الحق لايُبرئ المرؤوس من مسئوليته أمام الله وأمام القانون، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ..

- غير أني قد بقيت عندي شُبهة قوية، لاأستطيع دفعها عن نفسي بشأن فريق آخر، لايقترفون الإثم عدوانًا عن علم وعمد، ولكن عن غفلة وحسن قصد. إنهم يفعلون السيئة وهم يحسبونها حسنة، ويعتنقون الباطل وهم يظنونه حقًا .. لقد وقعوا فريسة للدعايات الكاذبة، والأقاويل الخادعة والمضللة .. صدقوا ماسمعوا، فامتثلوا واتبعوا .. أليس هؤلاء جديرين بأن نرفع عنهم كل مسئولية ومؤاخذة، وأن نجعل وزرهم كله على الذين ضللوهم وخدعوهم.

- قال المربي: هيهات هيهات! إنه لو كان الأمر كما تظن، لقال الله عن رؤوس الكفر والضلالة أنهم سيحملون أوزار أنفسهم وأوزار أتباعهم كاملين، ولكنه يقول: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} النحل (25)، فترك على المخدوعين المضللين وزرًا باقيًا. ولاتحسبن أن كلمة: "من" ها هنا معناه التخفيف عن هؤلاء التابعين. كلا، بل المعنى أن ذنوبهم ستكون سببًا في أن يحمل مثلها على متبوعهم من غير أن ينتقص عنهم شيئ منها. بهذا صرحت الآيات الأخرى: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ}. {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} العنكبوت (12). بل في القرآن ماهو أصرح من ذلك، ألم تستمع اليه وهو يقول: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38)} النحل.

- قال الطالب: {لِكُلٍّ ضِعْفٌ}؟ كيف هذا؟ قد أفهم أن يكون للمضللين عذاب مضاعف؛ عذاب الضلال وعذاب الإضلال. أما المضللون ففيم يضاعف لهم العذاب؟!

- قال المربي: لأنهم بعد ضلالهم جعلوا أنفسهم آلة لترويج الضلال، وأداة لنشر الفساد.

- قال الطالب: الذي لم أفهم بعد، هو تلك المسئولية التي نحملها لهذا المسكين، الذي أُتخذ معه من وسائل الإقناع، وأساليب التغرير، ما أصبح به سقيم الفكر، مبتور العزم، لايرى بعين واحدة، ولايسمع إلا بأُذن واحدة. بل لايرى بتلك العين إلا لونًا واحدًا، ولايسمع بتلك الأُذن إلا صوتًا واحدًا، بقدر مايأذن له سيده أن يرى ويسمع. أما ماوراء ذلك فقد أصبح عنه غافلاً كالنائم. أليس الله أرحم من أن يكلف مثل هذا العاجز الغافل؟!. {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)} الأنعام.

- قال المربي: بل إن الرجل الذي يَصِلُ التغرير به إلى الحد الذي وصفت، مسئول عن هذه النهاية، لأنه هو الذي جرّها الى نفسه باستنامته واستسلامه منذ البداية. لقد جعل الله لنا أسماعًا وأبصارًا وأفئدة، ومابَرِح كتاب الله يهتف بنا: {أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71)} القصص، {أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72)} القصص، {أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)} الأنعام. ولكن الرجل ألغى تفكيره وعطل مشاعره، فلم يبذل جهدًا في استبطان الأمور، واستباط الحقائق، بل سلّم زِمام رأيه لغيره، فجعل يصدق كل مايسمع، ويثق الثقة العمياء بكل مايُروى ويُدعى، حتى فسدت فطرته وانتكست فكرته؛ فلو أن السواد
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير