تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نافع]ــــــــ[23 - 08 - 2004, 02:11 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكرك جداً أخي حازم على هذا التفصيل الجيد وعلى هذه الفوائد الجليلة.

ولكن الذي دفعني لهذا القول أنه لم يرد في لغة العرب لا في القرآن ولا في السنة ولا في الشعر العربي، بل جاء في كلام العرب بحذف هذا الضمير في الاستفهام، ففي قوله تعالى (ما لونها) في سورة البقرة، ولم يقل (ما هو لونها) وكذلك (ما الحاقة) و (ما القارعة) ولم يقل (ما هي الحاقة) و (ما هي القارعة).

وقد قال الشيخ عبداللطيف الخطيب محقق كتاب مغني اللبيب وصاحب معجم القراءات، أن قول القائل:

ما هو الإعراب؟ ومن هو زيد؟ لحن. والصواب: ما الإعراب ومن زيد؟

فأرجو إفادتي في هذا، وجزاكم الله خيراً

ـ[حازم]ــــــــ[24 - 08 - 2004, 12:08 م]ـ

هُوَ البَحْرُ غُصْ فيهِ إذا كانَ ساكِنًا & علَى الدُّرِّ، واحْذَرْهُ إذا كانَ مُزْبِدَا

وَصُولٌ إلى الْمُسْتَصْعَباتِ بِعِلمِهِ & فَلَوْ كانَ قَرْنُ الشمسِ مَاءً لأَوْرَدا

رَأيْتُكَ مَحْضَ الْحِلمِ في مَحْضِ قُدرَةٍ & ولوْ شِئْتَ كانَ الْحِلمُ مِنكَ المُهَنَّدَا

يَدِقُّ على الأَفْكارِ ما أنتِ رَاغِبٌ & فَيُتْرَكُ ما يَخْفَى ويُؤْخَذُ ما بَدَا

أستاذي الحبيب المتألِّق في سماء المنتدى / أبا أيمن

لازلتَ تواصل إبداعك، بكل رغبةٍ وشوقٍ في سبيل الوصول إلى دقائق علم النحو، ويأبَى طموحك وإصرارك إلاَّ أن ينفضَ الغبار عن هذه المشاركة، التي مضى عليها وقت طويل لم تجد مَن يسأل عنها، أو ينظر إليها.

ولستُ بالغوَّاص الذي يخوض عمق البحار، ولكني سأكتفي بالسير على الشاطئ، وكلَّما وجدتُ ثغرةً هادئةً بين تلاطم الأمواج، أطلقتُ نظري للاستمتاع ببحر علمكم الخِضمّ.

وهذه محاولة بسيطة لإلقاء الضوء على الأوجه المختلفة في إعراب:

عُدوانٌ واسعٌ شنَّتهُ أمريكا على العراق أودى بحياة الآلاف

وقبل أن أبدأ معك هذه الرحلة، أودُّ أن يكون معنى الجملة واضحًا تمامًا، لكي نؤسِّسَ عليه أوجه الإعراب المختلفة مع المحافظة على المعنى المراد.

المعنى – وفق ما فهمتُه -: أنَّ عدوانًا واسعًا وقع على العراق، نسأل الله لها ولبقية الدول الإسلامية العزَّة والظفر.

وأفادنا الجزء الثاني من الجملة: أنَّ التي قامت بالعدوان هي الهالكة – بإذن الله – أمريكا.

فيما استفدنا من الجزء الثالث: أنَّ هذا العدوان أودى بحياة الآلاف، نسأل الله لهم الشهادة.

فلكي يكون الإعراب مقبولاً، لا بدَّ أن يتحقٌَّق معه هذا المعنى.

فأرى – والله أعلم – أنَّ الجارَّ والمجرور " على العراق " سيكون له الحسم في هذه القضية، وهو الذي يوجَّه المعنى، وذلك حسب ما يتعلَّق به.

فالقول بأنَّ (الجملة الفعلية " شنته ": في محل رفع خبر أول للمبتدأ " عدوان "

وجملة " أودى ": في محل رفع خبر ثان)، قول وجيه، واتجاه سديد، لكن لا بدَّ أن يتعلَّق الجار والمجرور " على العراق " بالمبتدأ " عدوان "، للمحافظة على المعنى، وتكون الجملة: " عدوانٌ واسعٌ على العراق شنَّتهُ أمريكا أودى بحياة الآلاف "

فإن قال قائل: ما الفرق بين أن يتعلق بكلمة " عدوان " أو بالفعل " شنته "؟

قلت: هناك فرق، فالمعلوم أنَّ كل خبر مستقلٌّ بمعناه عن الآخر، ويعطى فائدة يحسن السكوت عليها، ومجموع الخبرين يعطي المعنى العام المطلوب.

فلننظر: لو علِّق الجار والمجرور بالفعل " شنَّ ":

على الخبر الأول: عدوان واسعٌ شنته أمريكا على العراق. (المعنى صحيح)

وعلى الخبر الثاني: عدوان واسعٌ أودى بحياة الآلاف. (المعنى ناقص، لعدم معرفة أن العدوان وقع على العراق).

ولننظر إذا علَّقنا الجارَّ والمجرور بكلمة " عدوان ":

على الخبر الأول: عدوان واسعٌ على العراق شنته أمريكا. (المعنى صحيح)

وعلى الخبر الثاني: عدوان واسعٌ على العراق أودى بحياة الآلاف. (المعنى أيضًا صحيح).

فبهذا يصحُّ الإعراب ويسلم المعنى من النقص , ونسلم من تقدير اختيار أي الجملتين الفعليتين للنعت، وأيهما للخبر , والله أعلم.

أمَّا الرأيُ بأن تكون إحدى الجملتين الفعليتين خبرًا للمبتدأ، والأخرى نعتًا له، فهو رأي صحيح أيضًا، مع التركيز على تعلُّق الجار والمجرور.

فالجار والمجرور " على العراق ": إما أ، يتعلَّق بالمبتدأ " عدوان "، أو بالفعل " شنته "، ويبعد أن يتعلق بالفعل " أودَى ".

فإذا عُلِّق بالفعل " شنته "، تعيَّن أن تكون جملة " شنته " خبرَ المبتدأ، وجملة " أودى " نعتًا.

لأنك لو حذفت النعت، قامت الجملة بجزء صحيح من المعنى المطلوب، وهو " عدوان واسعٌ شنته أمريكا على العراق "، ويبقى جزء النعت.

لكن إذا عكسنا الإعراب على هذا التقدير، وجعلنا جملة " شنته " نعتًا، وقدَّرنا الكلام بدون النعت: " عدوان واسعٌ أودى بحياة الآلاف "، فاتت علينا فائدة أن العدوان وقع على العراق، ولا نعلمه إلا بذكر جملة النعت " شنته أمريكا على العراق ".

أخيرًا، إذا تعلَّق الجار والمجرور " على العراق " بالمبتدأ " عدوان "، جاز أن تكون جملة " شنته " خبرًا، وجملة " أودى " نعتًا، أو العكس.

إلا أني أميل إلى اعتبار جملة " شنته " نعتًا، وجملة " أودى " خبرًا، وبهذا يستقيم الكلام، وتتبع الصفة موصوفها، ويختم الخبر فائدة الجملة، والله أعلم.

ختامًا، أرجو – أستاذي الكريم – أن لا أكون قد أثقلت عليك بكثرة التفصيلات المملَّة، التي لم تكن محتاجًا إليها، لعلمك بحيثياتها وجزئياتها.

كما أرجو المعذرة على التقصير والتأخير.

دمتَ سالمًا بكلِّ الودِّ والتقدير

مع أجمل باقة من التحايا العطرة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير