تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[حازم]ــــــــ[26 - 08 - 2004, 03:09 م]ـ

ومَنْ هَابَ أسْبابَ المَنايا يَنَلْنَهُ & وإنْ يَرْقَ أسبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ

الأستاذ / الفاضل نافع

لا تزال تساؤلاتك محل التقدير، ومبعث السرور.

ولكن أرجو أن لا يذهب بك ظنُّك بي بعيدًا عن واقعي الطبيعي، فلستُ إلاَّ مبتدئًا في طلب العلم، وما مشاركتي في هذا المنتدى المبارك إلاَّ من أجل الاستفادة من أساتذتي الكرام في تعلُّم علم النحو، وفهم مسائله.

أستاذي الفاضل: لا زلتُ أؤكِّد أنَّ الأولَى والأفصح والأبلغ والأفضل هو ما ورد في كلام اللهِ تعالى، وهو عدم توسُّط ضمير الفصل بين الاستفهام وخبره، وهذا ما صحَّ في السُّنة النبوية:

قال الله تعالى: ((وإذا قيلَ إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ والسَّاعةُ لا رَيبَ فيها قُلتُم ما نَدْري ما السَّاعةُ إن نَظُنُّ إلاَّ ظَنًّا وما نَحْنُ بِمُسْتَيقِنينَ)) الجاثية 32

الشاهد: ((ما السَّاعةُ؟)).

وجاء في صحيح مسلم: (ثم قال لي يا عمر: أتدري من السائل، قلت: الله ورسوله أعلم، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).

الشاهد فيه: (أتدري من السائل؟).

كما أني لا زلتُ أرَى – والله أعلم - أنَّ دخول ضمير الفصل في أسلوب الاستفهام لا يُعَدُّ لَحنًا، حيث إنَّ ذلك يتوافق مع الشروط التي نصَّ عليها واضعو علم النحو.

غير أنك لم تلحظْ شاهدًا يُحتَجُّ به بين ثنايا إجابتي السابقة، ولعلَّك مِمن لا يَرونَ صحَّة الاستشهاد بالأحاديث في قضايا النحو، كما هو رأي بعض علماء النحو قديمًا، ولكني أميل كل الميل لصحة الاستشهاد بها، وهذا ما يراه ابنُ مالكٍ – رحمه الله -.

فحديث ابنِ عباسٍ في هذا الباب، دليلٌ واضح على جواز مجيء هذا التركيب، وعندما قلتُ سابقًا، لم أجد دليلاً مستقيمًا في السُّنة، إنما أردتُ لفظ الرسول به – صلَّى الله عليه وسلَّم -.

فهذا ابن عباسٍ – رضي الله عنهما - يجيبُ السائلَ عندما سأله " ما هو الحجُّ؟ "، ولم يرد تعليق عن العلماء على خطأ هذا الاستخدام، فالأمر على طبيعته مقبول مستساغ.

وكذا ابنُ هشامٍ في " مغنيه "، لم يعترض على البيت الذي استشهد به عند كلامه عن إثبات ونفي الفعل " كاد "

أنحوي هذا العصر ما هي لفظةٌ؟ & جَرَتْ في لساني جرهم وثمودِ

مع أن الشاعر العربي أضاف ضمير الفصل بين "ما" الاستفهامية وخبرها.

ثمَّ ألا تَرى أنَّ استخدام الأئمة من العلماء هذا الأسلوب في مصنفاتهم، يوحي بشيوعه واتفاقهم على جوازه، أليس من المعلوم أنَّ العلماء الذين قاموا بشرح كتب السُّنة هم علماء في اللغة والنحو ابتداءً.

وأودُّ أن أشير إلى أنَّ إمام النحو " سيبويه " أيضًا قد استخدم هذا الأسلوب في " كتابه " قائلاً:

(فما هو الأصل الذي عليه أكثر هذا المعنى؟: فعول وفعال ومفعال وفعل) انتهى

يقول " أبو الفتح عثمان ابن جني " في " الخصائص ":

" وإذا فشا الشئ في الاستعمال وقَوىَ في القياس فذلك مالا غاية وراءه " انتهى كلامه.

فتأمَّل – بارك الله فيك – كثرة استخدام هذا التركيب بين العلماء والدارسين والطلاب.

بقي النظر في التعليلات التي ذكرها بعض زملائك أثناء اعتراضهم على صحة هذا الأسلوب.

(أمَّا القول بأنَّ المقام مقامُ استفهام، وليس هناك لبس أن ما بعده ليس بصفة، وكذلك ليس هنا داع للتأكيد، ولِمَ التأكيد وهو يستفهم عن أمر ما؟، حيث إنَّ ضمير الفصل كل عمله إشعار السامع بأَن ما بعده ليس صفة لما قبله، وهو يشبه الأَدوات في إفادته التوكيد والحصر. أ. هـ)

أقول: هذا كلامُ مَن لم يطلع على مذاهب القوم في تأصيلهم للقواعد والتعليلات.

فليس المقصود من التعريف أنَّ كلَّ ضمير فصلٍ لا بدَّ أن يكون لانتفاء كون ما بعده صفة لما قبله.

قال الشاعر: وهو من شواهد ابن هشامٍ:

ولَسْتُ أُبالِي بعدَ فَقديَ مالكًا & أمَوْتيَ ناءٍ أمْ هُو الآنَ واقِعُ

فقد اختلف في إعراب الضمير " هو " على قولين: إما ضمير فصلٍ وإما مبتدأ.

فعلى القول بأنه " ضمير فصل "، نجد أنَّ الشاعر فصلَ به بعد استفهامٍ، والأمر غير مشكل، فبالإمكان أن يقال: " أمَوْتيَ ناءٍ أمْ الآنَ واقِعُ ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير