وقال عزَّ وجلَّ: ((الَّذِينَ ضَلَّ سَعيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا))، لاحظ كيف استمرَّ ظنُّهم طيلة فترة بقائهم أحياءً، والله أعلم
وقولك – بارك الله فيك -: (ولو قدرنا الكلام: لا تحسبن العلم ينفع وحده & إذا لم يتوَّج ربّه بخلاق، لضمنا ما يستقبل من الزمان - الغير محدود - من "إذا")
أرى – والله أعلم – أن التقدير بـ" إذا " لا يصحُّ، لأن المعنى المراد يتغيّر به.
فكأنَّ التقدير: ينفع العلم إذا تُوِّج صاحبه بالأخلاق، فقد يتأخَّر هذا التتويج فترة من الزمن، فيصبح العلمُ في حَيْرة، أعني أنَّ الأمر ليس قاطعًا، فهناك فاصل زمنيٌّ بين تحقيق نفع العلم وبين التحلِّي بالأخلاق.
لذلك كان الأنسب لفهم " ما " الشرطية تقديرها بالحرف " إن "، المتجرِّد عن الزمن، فالتقدير: لا ينفع العلم إن لم يُتوَّج صاحبه بالأخلاق، وهذا صحيح في المعنى، والله أعلم.
والتقييد بالزمن إنما هو من أجل إعطاء معنى الشرط للجملة، قال ابن مالكٍ – رحمه الله -:
ولا يجوزُ الابتدا بالنكره & ما لم تُفِدْ
فالتقدير: لا يجوز الابتداء بالنكرة مدَّة أو زمن عدم الإفادة، وهذا يشمل جميع الأوقات التي يكون المبتدأ فيها نكرة.
ولكن، لا عليك أخي، إن رأيتَ أنَّ التقدير مشكلٌ، وأنَّ المعنى أكثرُ وضوحًا بدونه، فاتركه والْزمْ إعرابه فقط، فأنا مثلك، أرى أنَّ الجملة بواقعها أوضح وأسهل من هذا التقدير الذي يلبس المعنى بعض التشويش.
كلنا نستمع الخطيب يقول: " أمَّا بعد "، ونفهم معناها على حالتها، أتعلم ما هو تقديرها؟
يقولون: هي نائبة عن اسم شرط وفعله، والتقدير: مهما يكن من شيءٍ، يقول ابن مالكٍ – رحمه الله –
أمَّا كمَهْما يَكُ مِن شيءٍ وفا & لِتِلوِ تِلوِها وجوبًا أُلِفَا
فيلاحَظ أنَّ بقاءَها على حالتها أشدُّ وضوحًا من تقديرها.
وأخيرًا: تُعرب " وحدَه ": حالاً من ضمير " ينفع " المستتر، والله أعلم.
ختامًا: أعتذر عن هذه الإطالة وأسال الله الكريم التوفيق والسداد للجميع.
وأخصُّ الأستاذ الفاضل / أبا تمَّام بالشكر على المعلومات القيِّمة، وأسال الله له مزيدًا من العلم.
عفوًا – أستاذي الفاضل / النحوي الكبير -:
لم أقرأ مداخلتك الرائعة إلاَّ بعد كتابة هذا الرد، ولعلِّي أعود إليها لاحقًا إن لم يكن في هذا الردِّ ما يزيل الإبهام عن بعض الأمور.
وللجميع خالص تحياتي وتقديري
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[31 - 08 - 2004, 04:51 م]ـ
أيها الناسُ عُذرَا && إنّ بعدَ الشّرْطِ حَالاَ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته،
بارك الله فيكم أستاذي الجليل / حازم و أثابكم عني خيرا، كما عهدناكم دائما بين ثنايا مواضعكم الدر و النوادر
و عندي استفسار آخر لأساتذتي الكرام،
هل يمكن اعتبار "ما" حالية، حيث أجد فيها رائحة الحال، كما أن الحال مستصحب و بذلك نكون قد كفينا من الظرفية و الشرطية و يكون تقدير الكلام:
ولا تحسبن العلم ينفع وحده && حال عدم تتويج ربه بخلاق
تقبلوا فائق الود و التقدير من تلميذكم المحب
أبو أيمن
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[31 - 08 - 2004, 05:33 م]ـ
سبقك بها عكاشة
عفوا أستاذي الكريم النحوي الكبير لم أنتبه لم طرحتموه في اقتراحكم الحالية ل"ما"، و على هذا أضم صوتي لصوتكم أستاذي،
أما اعتبار" لم" لا عمل لها فبعيد أستاذي، كيف يكون ذلك و قد قلبت زمن الفعل من المضارع إلى الماضي، ولو صح لي لقلت أن ما داخلة على فعل ماض بعد قلبه بلم، و بذلك القول و الجملة الفعلية من لم و ما دخلت في محل جزم ب "ما"
والله أعلم
تلميذكم المحب
أبو أيمن
ـ[أبو تمام]ــــــــ[01 - 09 - 2004, 03:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية لكم جميعا، وجزاكم الله خيرا على ماتقدموه، أما بعد ...
أشكر أستاذنا الحازم حازما بالدرر التي ألقاها في الموضوع، لكن لي توضيح بسيط فليأذن لي:
بالنسبة لتنازع الحرفين واختلافه بين النحاة قد نقلته من النحو الوافي ص 415 ج4 وقد قال:
اختلف النحاة في تعيين الأداة العاملة فقائل: إنها (لم) لانصالها به مباشرة، وأداة الشرط مهملة داخلة على جملة. وقائل إنها أداة الشرط لسبقها ولقوتها فكما تؤثر في زمنه فتجعله للمستقبل الخالص تؤثر في لفظه فتجزمه كما جزمت جوابه، وخلصت زمنه للسمتقبل وفي هذه الحالة تقتصر لم على نفي معناه دون جزمه ودون قلب زمنه للماضي. والأخذ بهذا الرأي أحسن، بالرغم من ان الخلاف لا قيمة لهلأن المضارع مجزوم على الحالين والمعنى لا يتاثر.
والغريب أنه في باب التنازع يقول في ص 188 ج2:
على هذا لايصح أن يكون من عوامل التنازع الحرف .....
هذا وقد بحثت في بعض الكتب عن تنازع الحرفين فلم أجد شيئا مما ذكره عباس حسن من اختلاف بين النحاة.
لكن وجدت في أحد الحواشي (سأذكرها لاحقا لضيق وقتي الآن) اختلاف الكوفيين والبصريين في تنازع الفعل على المفعول به فالبصريين قالوا العمل للأقرب والكوفيين قالوا العمل للسابق.
فهل ياترى أخطا عباس حسن في النقل؟؟؟؟
أريد منك الإجابة
لك التحية
¥