تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[بديع الزمان]ــــــــ[29 - 08 - 2004, 03:14 ص]ـ

أخويّ الكريمين ديك الجنّ وحازم

استفزّني حواركما الشائق للمشاركة مع أني لن آتي بجديد ينسجم مع جمال ما ترقمه أناملكما على هذه الصفحة التي باتت حلة قشيبة طرّزتها المفردة السامقة ورصّعتها اللمحة الألمعية0

ابتداء، أشارككما والكرى يخاتل جفنيّ فاعذراني إن أتت حروفي كليلة غير قادرة على الجري في مضماركما والسير في ركابكما والنهوض إلى مقامكما0

لو أعربنا الجملة مستأنفة أو ابتدائية أو معترضة فذلك ـ في نظري ـ لا ينسجم مع الغرض البلاغي والسياق المعنوي الذي وردت فيه أي أننا بذلك سنسلخها من السياق فتغدو بعيدة عنه مقحمة فيه0

أخويّ أليست جملة: (لاتبعد) في محل نصب مفعول به لـ: (يقولون)؟ أي أنها مقول القول فالأصل في منصوب قال واشتقاقه أن يكون جملة تامة؛ فهي إذن من متممات هذه الجملة وليست مستقلة بنفسها0

يبدو لي ـ والله أعلم ـ أنّ الإشكال النّاشئ عند أخينا الفاضل ديك الجنّ في إعراب جملة (وهم يدفنوني) حالا صرفه إيّاها إلى أن يكون صاحبها فاعل (تبعد) وليس كذلك فصاحبها هنا هو: الواو في (يقولون) أي: يقولون حالة دفنهم إياي: لا تبعد ... إلخ0 يؤيّد ذلك الضمير الرّابط في هذه الحال وهو: (هم) كما أن الواو رابط آخر0

فائدة: قد تكون الحال بمنزلة العمدة فلا يستغنى عنها في إتمام معنى الجملة بل قد يفسد معناها أحيانا بدونها قال تغالى: " وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ " (الشعراء:130) فهل يتم المعنى الأساسيّ للجملة إن حذفت هذه الحال؟ فهذه ولا يستغنى عنها في إتمام معنى الجملة0

وفي قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ" (الانبياء:16) فواضح أنّ حذف هذه الحال يفسد المعنى تماما ويخرج به من معنى إلى نقيضه تماما0

شكرا لكما وتقبلا عاطر التحايا0

ـ[حازم]ــــــــ[29 - 08 - 2004, 09:46 م]ـ

بكَى صَاحِبي لمَّا رأى الدرْبَ دوننا & وأيْقَنَ أني قد ضللْتُ الأمانيا

فقلتُ له: لا تَبكِ عَينكَ إنما & أُراوِدُ " حالاً " أو تَطُولَ لَيالِيا

أستاذي الفاضل الذكيّ، المتميِّز بحرفه النديّ، وهمسِه الشجيّ / " ديك الجنّ

للهِ درُّك أديبًا، وحاذقًا لبيبًا، فقد وصفتَ فأجدتَ، وبيَّنْتَ فأفدتَ.

أعجبني جدًا تصويرُك للمعاني، واختيار الإيقاعات التي تناسب المشهد،

ولستُ – والله – جديرًا بأن أحكم على عطائك، ولكن لا بدَّ أن أعترف بما لمسته من تعقيبك، فأنت تأسر بقوة البيان، وتستميل الأحاسيس والوجدان.

أوافقك في كثيرٍ ممَّا ذهبتَ إليه.

وقد أضاف أستاذي الفاضل الأمجد / بديع الزمان، بمروره الرائع لمسات من الجمال، أرى معها أنه لا مجال لي معكما، فلا يمكن أن يظهر أثر شمعة خافتة بحضور الكواكب الساطعة.

إلا أنَّ حبِّي لمعانقة صدى همساتك، والتلذذ بالاستماع لعزف كلماتك، يجعلني أتقوَّى بهذه الشمعة – بعد توفيق الله واعتمادي عليه - لأواصل طريقي في رحلتي مع شاعرنا المازنيِّ – رحمه الله -.

أستاذي الكريم: لقد بدا واضحًا تمامًا أنه لا يمكن أن تكون جملة " وهم يدفنونني " جملةً اعتراضية، وأنتَ ترى أنها لا يمكن أن تكون جملةً حالية، فلم يبق لك خيارٌ إلاَّ أن تقول: إنها جملةٌ استئنافية.

وسأنطلق معك على هذا الأساس، فإن قلتَ: لماذا؟؟

قلتُ لك: لا بدَّ أن تصنِّفها وتحدِّدها، ولم أرك تجاوزتَ هذه الاختيارات، لذلك بنيتُ عليها.

تأمَّل قولك: (قلت يستغرب ويتعجب، وأنت قلت يستنكر، وفي الحالتين فموضوع استغرابه أو استنكاره هو ما يفعله الذين يدعون له بألا يبعد، وهم أنفسهم يمارسون إبعاده).

أنت تربط بين جملة " لا تبعد "، وجملة " وأين مكان البعد إلا مكانيا " لتصوير الاستغراب، وفي نفس الوقت لا تريد أن تكون الجملة الواقعة بينهما " وهم يدفنونني " حالية.

فكيف يكون هذا؟؟؟

تخيَّل أنهم قالوا له في وقتٍ من الأوقات: " لا تبعد "، ثم بعد ذلك دفنوه، لأن جملة " وهم يدفنونني " – على زعمك – ليست حالية، فهل يصحُّ أن يقول بعد ذلك: " وأين مكان البعد إلا مكانيا ".

كان الأولى أن تكون الجمل الثلاثة كلها مفكَّكة، لا رابط يربطهم، ولا نكتة بلاغية تنظمهم في عقدٍ واحد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير