(وحكى أبو نصر ابن القشيري - رحمه الله - في تفسيره كلام أبي إسحاق الزجاج، الذي حكيناه، ثم قال: ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لأن القراءات التي قرأ بها أئمَّة القرَّاء ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تواترا يعرفه أهل الصنعة، وإذا ثبت شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن ردَّ ذلك فقد ردَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور لا تقلد فيه أئمة اللغة والنحو، ولعلهم أرادوا أنه صحيح فصيح، وإن كان غيره أفصح منه، فإنَّا لا ندَّعي أن كل القراءات على أرفع الدرجات في الفصاحة، قلت وهذا كلام حسن صحيح والله أعلم) انتهى كلامه – رحمه الله.
ونقل ابن الجزريِّ – رحمه الله – في " نشره ":
(وكل حرف انفرد به واحد من العشرة، معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل، وليس تواتر شيء منها مقصورًا على من قرأ بالروايات، بل هي متواترة عند كل مسلم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، ولو كان مع ذلك عاميًّا جلفًا لا يحفظ من القرآن حرفًا، ولهذا تقرير طويل، وبرهان عريض، لا يسع هذه الورقة شرحه، وحظ كل مسلم وحقه أن يدين الله تعالى، ويجزم نفسه بأن ما ذكرناه متواتر معلوم باليقين، لا يتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه، والله أعلم، كتبه عبد الوهاب بن السبكي الشافعي) انتهى
فهذه بعض أقوال أهل العلم عن ثبوت القراءات عن النبيِّ – صلَّى الله عليه ويسلّم -، ولعلِّي في مشاركة أخرى أتطرَّق إلى حجَّة مَن ردَّ هذه القراءة، فقط لمخالفتها ما أصَّلوه من قواعد، وحجَّة مَن انتصَر لها، وبيَّن أنَّ هذا مسموع عن العرب.
وأما قولك – رعاكِ الله –: (هكذا رأينا أن أغلب المفسرين يرونها منصوبة وهذا هو رأي العكبري أيضا، ونحن نقرؤها في مصاحفنا منصوبة لا مجرورة)
أقول: نحنُ نقرؤها كذلك في مصاحفنا، لأننا نقرأ برواية حفصٍ عن عاصم، وهذه هي قراءته , فإذا قرأتِ في مصحف أهل المغرب، لوجدته وفق رواية ورش وقالون عن نافع المدني.
وقولكِ: (لذا نرى أن محيي الدين درويش في كتابه " إعراب القرآن العظيم " لم يذكر إلا وجها واحدا وهو النصب)
أقول: قام الأستاذ الفاضل " محي الدين " بتأليف كتابه لإعراب كلمات القرآن العظيم وفق رواية حفص عن عاصم، وربما تطرَّق في بعض الأحيان لبيان أوجه بعض القراءات الأخرى، فهذا أمر طبيعي منه – رحمه الله -)
والله أعلم
أسال الله أن يُنوِّر قلوبنا بنور الإيمان والقرآن، وأن يرزقنا العلم النافع، والعمل به.
كما أودُّ من أستاذي الفاضل " أبو أيمن " أن يحقِّق لنا في مسألة القول بأنَّ العكبري، كوفي المذهب – كما قيل -، لأنها معلومة هامَّة، قد أفادتنا بها الأستاذة الفاضلة، نقلاً عن علي الطنطاوي.
وللجميع عاطر التحايا
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 03:22 م]ـ
أستاذي الجليل حازم هذا ما توصلت إليه
أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، بصري المذهب، من شيوخه أبو البركات ابن الأنباري و هو بصري و التبيان يدل على ذلك، فهو ينتصر فيه للبصريين، و إذا ذكر الخلاف قدم رأي البصريين ثم أتبعه آراء المخالفين و ربما أشار بالتمريض إلى قول الكوفيين
و العكبريون كثير جاء في وفيات الأعيان
والعُكْبَري بضم العين المهملة وسكون الكاف وفتح الباء الموحدة وبعدها راء هذه النسبة إلى عُكْبَرا وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم
فلعل الذي ذكره علي الطنطاوي غير صاحبنا
والله أعلم
ـ[حازم]ــــــــ[14 - 01 - 2005, 08:40 م]ـ
بكتْ عَينِي وحقَّ لها بكاها * وما يُغني البكاءُ ولا العويلُ
على أسَدِ الإلَهِ غَداةَ قالوا * أحَمزةُ ذاكمُ الرجلُ القتيلُ
أُصيبَ المسلمونَ به جميعًا * هناكَ وقد أصيبَ به الرسولُ
أبا يعلَى لك الأركانُ هُدَّتْ * وأنتَ الماجِدُ البَرُّ الوصولُ
عليك سلامُ ربِّك في جنانٍ * مخالطُها نعيمٌ لا يزولُ
أستاذي الجهبذ " أبو أيمن "
ما زالت مشاركاتك الغنيَّة، تنشر الفخر والسعادة، بوجود رافد غزير من روافد العلم، وحجَّة شامخة في النحو، زادك الله علمًا ورفع قدرك.
¥