وتوجيهُه إمَّا على البناء، وتقدير " أل "زائدة، أو على الإعراب، على أنه قَدَّر دخول " في " على " اليومَ " ثم عَطَف " أمس " عليه عَطْفَ التوهم.
وقال الله تعالى: {فَجَعلناها حَصيدًا كأنْ لم تَغْنَ بِالأمسِ} يونس 34، الكسرةُ فيه كسرةُ إعراب، لوجود " أل ") انتهى
قلتُ: جاء في " اللسان "، و" تاج العروس ":
مَرَّتْ بنا أَوَّلَ من أُمُوسِ * تَمِيسُ فينا مِشْيَةَ الْعَرُوسِ
وعند الأنباري، في " شرح القصائد السبع ":
(وإنما أُلْزِم الكسرَ إذا كان معرفة لا ألف ولا لام فيه، لأنَّ أصله عندهم الأمر، كقولك: " أمْسِ عِندنا يا رجل " فلمَّا سُمِّي به الوقت، تُركَ على كَسرِه) انتهى
وقد جمع السيوطيُّ – رحمه الله – ما ورد من أقوال في هذه المسألة في " همعه ":
(" أمس " اسم معرفة متصرف، يستعمل في موضع رفع ونصب وجر، وهو اسم زمان موضوع لليوم الذي أنت فيه، أو ما هو في حكمه في إرادة القرب، فإن استُعمل ظرفًا فهو مبني على الكسر عند جميع العرب.
وعلَّة بنائه تضمنه معنى الحرف، وهو لام التعريف،
وقال ابن كيسان: بُنِي لأنه في معنى الفعل الماضي،
وقال قوم علَّة بنائه شبه الحرف، إذا افتقر في الدلالة على ما وضع له إلى اليوم الذي أنت فيه.
وقال آخرون: بُنِي لشبهه بالأسماء المبهمة في انتقال معناه، لأنه لا يختص بمسمًّى دون آخر،
وأجاز الخليل في " لقيتُه أمسِ " أن يكون التقدير: لقيتُه بالأمسِ، فحذف الحرفين الباء و"أل"، فتكون الكسرة على هذا كسرة إعراب.
وزعم قوم منهم الكسائي: أنه ليس مبنيًّا ولا معربا، بل هو محكي، سُمِّي بفعل الأمر من المساء، كما لو سُمِّي بـ" أصبح " من الصباح، فقولك: " جئتُ أمسِ "، أي اليوم الذي كنا نقول فيه: أمسِ عندنا، أو معنا، وكانوا كثيرا ما يقولون ذلك للزور والخليط، إذا أراد الانصراف عنهم، فكثرت هذه الكلمة على ألسنتهم حتى صارت اسما للوقت.
وتعريفه بـ"أل" إشارة إلى أنه اليوم الذي قبل يومك.
وقال السهيلي: تعريفه بالإضافة كتعريف جمع.
وإن استُعمل غير ظرف، فذكر سيبويه عن الحجازيين بناءه على الكسر رفعا ونصبا وجرا، كما كان حال استعماله ظرفا، تقول: " ذهبَ أمسِ بما فيه "، " وأحببتُ أمسِ "، " وما رأيتُكَ مذْ أمسِ ".
ونُقِل عن بني تميم، أنهم يوافقون الحجازيين حالة النصب والجر في البناء على الكسر، ويعربونه إعراب ما لا ينصرف حالة الرفع، قال شاعرهم:
اعْتَصِمْ بالرّجاءِ إنْ عنَّ يَأسُ * وتناسَ الّذي تَضمَّنَ أَمسُ
ومِن بني تميم مَن يعربه إعرابَ ما لا ينصرف في حالتي النصب والجر أيضا،
ومنهم من يعربه إعراب المنصرف فينوِّنه في الأحوال الثلاثة، حكاه الكسائي
وحكى الزجاجي والزجاج أنَّ من العرب من يَبنيه وهو ظرف على الفتح.
فتلخص فيه حال الظرفية لغتان: البناء على الكسر وعلي الفتح.
وحال غير الظرفية خمس لغات:
البناء على الكسر بلا تنوين مطلقا، وبتنوين.
وإعرابه منصرفا، وغير منصرف مطلقا.
وإعرابه غير منصرف رفعًا، وبناؤه نصبًا وجرًّا) انتهى
بناء الحروف
جاء في " اللباب ":
(والحروف كلها مبنيَّة، وكذلك الأصل في الأفعال، ولا يفتقر ذلك إلى علَّة، لأن الكلمة موضوعة عليه، وإنما يُعلَّل الإعراب، لأنه زائد على الكلمة، ولمَّا كان الأصل في الأسماء أن تُعرب، لما بينَّا في أول الكتاب، احتيج إلى تعليل ما بُنِي منها) انتهى
وعند ابن هشامٍ في " أوضحه ":
(والحروف كلها مبنيَّة) انتهى
وفي " أسرار العربية ":
(وأما الحروف فكلها مبنيَّة، لم يُعرب منها شيء، لبقائها على أصلها في البناء) انتهى
وفي " الكواكب الدريَّة ":
(وأما الحروف فمبنيَّة كلها: لا حظَّ لشيء منها في الإعراب، لفظا، ولا تقديرًا، ولا محلاًّ، لأنها ليس فيها مقتضٍ للإعراب، إذ لا تتصرَّف، ولا يتعاقب عليها من المعاني ما يحتاج معه إلى الإعراب) انتهى
قلتُ: سواءً أكانت عاملة، كالحروف الناسخة، وحروف الجرِّ، أم مهملة، كـ" هل، ولو، ولولا ".
والافتقار اللازم سبب لبناء الاسم، لا الحرف، فالحرف لا يُعرَّف بالافتقار، إذ أنه مَبنيٌّ أصلاً.
وإنما يقال: هو الدالُّ على معنًى في غيره.
قال ابنُ جنِّي: " والحرفُ ما لم يَحسُن فيه علامات الأسماء، ولا علامات الأفعال، وإنما جاء لمعنًى في غيره "
وفي الكواكب الدريَّة " والحرف، وهو كلمة دلَّت على معنًى في غيرها فقط "
والله أعلم
أستاذي الحبيب، أخشَى أن أكون قد ضللتُ طريقي، فأبعدتني عنك التهائمُ والنجود، وأبطأ بي فَهمي، فأخطأتُ الهدف المنشود، ولا حولَ ولا قوَّة إلاَّ بالله.
مع عاطر التحايا
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[26 - 02 - 2005, 01:02 ص]ـ
إلى الأستاذ الموفق "حازم"
السّعدُ تُخْبِرُنا شواهدُ حالِه&&أن قد كسا علياك ثَوْبُ جمالِه
وعليك قد ضرب الفخارُ سُرادقاً && وببابك العالي مُنَاخُ رِحاله
مَنْ ذا يجاري "حَازِماً" في فضله&&أَمَّنْ له نَسْجٌ على مِنْوَاله
¥