تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال ابن آجروم في مشكل إعراب القرآن: {فانفجرت من اثنتا عشرة عينا} "اثنتا": فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، و "عشرة": جزء مبني على الفتح لا محل له.

وقال في {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا} "اثنا": خبر "إن" مرفوع بالألف؛ لأنه ملحق بالمثنى، "عشر" جزء مبني على الفتح لا محل له،

وقال في {وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطا} "اثنتي": حال منصوبة بالياء؛ لأنها ملحقة بالمثنى، "عشرة": جزء مبني على الفتح لا محل له من الإعراب،

وقال شارح المتممة الآجرومية السيد الأهدل {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا} "اثنا": خبر "إن" وهو مرفوع وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة لأنه محمول على المثنى، فأعرب اثنا إعراب المثنى، وأقيم عشر مقام النون وبني على الفتح.

وقال صاحب الإعراب المفصل {فانفجرت من اثنتا عشرة عينا} فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، عشر مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

وقال السمين الحلبي في الدر المصون قوله: {?ثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} فاعل " انفجرت "، والألفُ علامةُ الرفعِ لأنه مَحْمولٌ على المثنَّى، وليس بمثنَّى حقيقةً إذ لا واحد له من لفظِه.

والله أعلم

أختي الكريمة:

أولا جزاك الله خيرا على هذه النقول المباركة التي عضدت ما قلته سابقا بخصوص عشر وعشرة المركبتين؛ من أنها لا محل لها من الأعراب وأنها مقامة مقام النون من الكلمة.

أما قولهم اثنا خبر في هذان اثنا زيد، فكلام صحيح، وكذا لو قلنا جاء اثنا زيد لقلنا اثنا فاعل لأن اثنا في المثالين مضافة إلى زيد لا مركبة معها تركيب الكلمة الواحدة، فهذان هما الاثنان ولا يشترك معهما زيد، والجائي في جاء اثنا زيد هما الاثنان دون زيد، وهذا يشبه ما مثلتُ به في مشاركة سابقة من هذا الموضوع بقولي: جاء زوج الأربع فالجائي واحد لا خمسة.

وأما قولهم في جاء اثنا عشر رجلا إن اثنا هي الفاعل فعلى سبيل التجوز والاختصار، وهذا التجوز هو ما أوقع في إشكال إعراب عشر وعشرة المركبتين للنظر إليهما باعتبارهما كلمتين مستقلتين. والصحيح أن محل الإعراب للجزأين (اثنا عشر) وظهر الإعراب على بعض الكلمة، وبقي بعضها بلا محل محركا بحركة بناء كالنون من اثنان.

وأما قولك: (الجائي في الحقيقة (اثنان) وأما (عشر) فهي معطوفة، فلما أرادوا مزج الكلمتين لكثرة الدوران، حذفوا الواو ثم النون للإضافة، فبقي إعراب الجزءالأول كما هو مرفوعا بالواو، لم يتغير فيه شيء، ولهذا نجد النحاة يعربون اثنين حين تركبها مع عشر، يعربونها على حسب موضعها إن فاعلا أو مبتدأ أو خبر إن أو حالا)

فغير صحيح من عدة جهات:

أولا: أن التركيب لم يتم بالتسلسل الذي تفضلت به، إذ لا دليل على أن سبب التركيب كثرة الدوران، فالأعداد المعطوفة كذلك كثيرة الدوران وقد تكون أكثر دورانا من المركبة، فلماذا حذفوا الواو في خمسة عشر مثلا وتركوها في خمسة وعشرين؟

ثانيا: لو قلنا جاء اثنان وعشرة فإننا نعرب اثنان فاعلا، ونستفيد من العطف اشتراك العشرة في المجيء، فالفاعل في الحقيقة حتى مع العطف هو مجموع الاثنين والعشرة لا الاثنان وحدها وهذا يفهم ضمنا من العطف، وأما اثنا عشر فلا عطف فيها، لذا التبس عليك الأمر وجعلتها مضافا إليه، ولو قلنا (اثنا عشر) فاعل لتجنبنا اللبس.

ثالثا: لو لزم أعرابنا اثنا وحدها فاعلا في جاء اثنا عشر رجلا، للزمنا كذلك إعراب ستة في جاء ستة عشر رجلا فاعلا كذلك، ولا قائل بذلك.

الأمر كما أفهمه كالتالي أختنا الكريمة:

اثناعشر ومؤنثها عدد مركب كسائر الأعداد المركبة، وتفردها عنهن بإعراب الجزء الأول راجع لخصوصية المثني إذ يعرب بالحرف لا الحركة دون سائر إخوته، مما جعل له شكلين، شكلا بالألف وآخر بالياء، فإذا جاء مع كلمات تلزم صورة واحدة، تميز بأن له صورتين، ولا فضل لإحداهما على الأخرى، فإن ألزم إحداهما ثار التساؤل لم خصت هذه الصورة؟ لذا نجد أن المثنى معرب مع المبنيات نحو هذان وهاتان واللذان واللتان، لأن إلزامه بشكل دون آخر تعنت.

كذلك لو جاء مركبا نحو اثنا عشر واثنتا عشرة لم يكن بد من إعرابه لوجود مبرر الألف رفعا والياء نصبا وجرا، وإعرابه هنا لا يعني استئثاره بالمحل دون باقي المركب، فكما نقول (خمسة عشر) فاعل مبني على فتح الجزئين، نقول (اثنا عشر) فاعل جزؤه الأول مرفوع بالألف (وجزؤه الآخر مبني لا محل له من الإعراب)، ولو قال واحد من أهل العلم اثنا فاعل فعلى التجوز والاختصار لا على الحقيقة.

والأصل أن يكون لكل عدد كلمة دالة عليه، ولكن لما كانت الأعداد لا منتهية اكتفوا بعشر كلمات أداروها لتأدية المعنى المطلوب مفردة مرة ومركبة مرة ومعطوفة مرة وعلى شكل الجمع مرة، فلما استنفدوا الاحتمالات جاءوا بلفظ المائة فأداروه حتى استنفدوا الاحتمالات جاءوا بالألف، وكان أقصى ما احتاجو إليه، وقد احتجنا إلى المليون والبليون والمليار والبليار إلى النيفليون والنيفيليار، ولما أعيا أحد العلماء إيجاد اسم لعدد أمامه مائة صفر اخترع له -بمساعدة طفل في التاسعة- لفظا جديدا هو الـ Gogol -

المقصود أن العدد حقه أن يكون كلمة واحدة تستحق الإعراب، فإن تركبت كلمتان كان الميل إلى اعتبارها كلمة واحدا مقدما، لأنه الأصل، أما لو استقلت الكلمات كالعدد المعطوف فتعرب كل كلمة لاستقلالها ولما يفهم من العطف.

ولأن العدد المركب كلمة واحدة مركبة من كلمتين قرأ أبو جعفر بإسكان عين عشر من أحدعشر واثنا عشر وأخواتهما وهي قراءة متواترة، وما ذاك إلا لاعتبار عين عشر متوسطة لا أول كلمة، إذ لا تبدأ الكلمات بالساكن في العربية.

والله تعالى أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير