تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتسميتها كان وأخواتها: من التسمية بأم الباب، وكثير ما يسمي النحويين الأدوات العاملة المشتركة في عمل واحد يسمون إحداها أماً للباب؛ لأنها إما هي الأكثر استعمالاً، أو أنها هي التي لا يشترط لها شروط لتعمل العمل، لذلك سموا الأفعال الناسخة بـ كان وأخواتها، وسموا الحروف الناسخة بـ أن وأخواتها، وسموا الأفعال الناسخة التي تنصب مفعولين بـ ظن وأخواتها.

{أخواتها}

وكلمة أخواتها: أي نظائرها في العمل ففيه استعارة مصرحة أصلية، وأفرد كان بالذكر إشارة إلى أنها أم الباب، ولذا اختصت بزيادة أحكام. وإنما كانت أم الباب لأن الكون يعم جميع مدلولات أخواتها. ووزنها (فعل) بفتح العين لا بضمها لمجيء الوصف على فاعل لا فعيل، ولا بكسرها لمجيء المضارع على يفعل بالضم لا الفتح.

و (ترفع كان المبتدأ) أي تجدد له رفعاً غير الأول الذي عامله معنوي وهو الابتداء. وتسميته مبتدأ باعتبار حاله قبل دخول الناسخ. فإن منه ما لا تدخل عليه كلازم التصدير إلا ضمير الشأن، ولازم الحذف كالمخبر عنه بنعت مقطوع، وما لا يتصرف بأن يلزم الابتداء.

(ويسمى المبتدأ اسماً لها) تسمية المرفوع اسمها والمنصوب خبرها تسمية اصطلاحية خالية عن المناسبة؛ لأن زيداً في كان زيد قائماً، اسم للذات لا لكان والأفعال لا يخبر عنها إلا أن يقال الإضافة لأدنى ملابسة، والمعنى اسم مدلول مدخولها وخبرها أي الخبر عنه وقد يسمى المرفوع فاعلاً والمنصوب مفعولاً مجازاً. (192)

وتدلّ كان على الاستمرار والثبوت، نحو: إنّ الله كان عليكم رقيباً.

(كان) أمّ الأفعال الناسخة

وسبب اختيار كان لأن تكون أماً للأفعال الناسخة، خمسة أوجه (193)

أ ـ سعة أقسامها.

ب ـ أنَّ (كان) التامَّة دالة على الكون، وكلُّ شيء داخل تحت الكون.

جـ ـ أنَّ (كان) دالَّة على مطلق الزمان الماضي، و (يكون) دالَّة على مطلق الزمان المستقبل. بخلاف غيرها، فإنَّها تدل على زمان مخصوص: كالصباح والمساء.

د ـ أنَّها أكثر في الكلام، ولهذا حذفوا منها النون إذا كانت ناقصة.

هـ ـ أنَّ بقيَّة أخواتها تصلح أن تقع أخباراً لها.

مثال: كان زيد أصبح منطلقاً، ولا يحسنُ: أصبح زيدً كان منطلقاً. (194)

الفصل بين (كان) وغيرها من العوامل

لا يجوز الفصلُ بين (كان) وغيرها من العوامل بما لم تعمل فيه؛ لأنَّه أجنبيّ غير مسند للكلام والعامل يطلب معموله فالفصل بينهما يقطعه عنه فإن جعلت في (كان) ضمير الشأن جاز تقديم معمول الخبر لاتّصال (كان) بأحد معموليها وكون الفاصل كالجزء من جنسهما. (195)

خبر (كان) ضمير

الأحسن في خبر (كان) إذا وقع ضميراً أن يكون منفصلاً؛ لأنّه في الأصل خبر المبتدأ والخبر لا يكون متّصّلاً وإنّما ساغ في (كان) أنْ يكون متّصّلاً لأنّه مشبّه بالمفعول فعلى هذا (كنت إيّاه) أَحْسَنُ من (كنته). (196)

اسم كان وخبرها بين الفاعل، والمفعول، والحال

تدخل على المبتدأ والخبر فيصير المبتدأ بمنزلة الفاعل والخبر بمنزلة المفعول وكما يجب أن يكون الخبر هو المبتدأ في المعنى نحو: زيد قائم، فكذلك يجب أن يكون المفعول في معنى الفاعل، فلهذا امتنع في كان ما جاز في ضرب، فإن ضرب فعل حقيقي يدل على حدث وزمان، والمرفوع به فاعل حقيقي، والمنصوب به مفعول حقيقي، وأما كان فليس فعلاًً حقيقاًَ بل يدل على الزمان المجرد عن الحدث، ولهذا يسمى فعل العبارة، فالمرفوع به مشبه بالفاعل والمنصوب به مشبه بالمفعول، فلهذا سمى المرفوع اسماً والمنصوب خبرًا، ولهذا المعنى من الفرق لما كان ضرب فعلا حقيقا جاز إذا كنى عنه، نحو: ضربت زيداً، أن يقال: فعلت بزيد. ولما كانت كان فعلاً غير حقيقي بل في فعليتها خلاف؛ لم يجز إذا كنى عنها، نحو: كنت أخاك. أن يقال: فعلت بأخيك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير