ويحسن أن يقال: كان زيد في حالة كذا، وكذلك يحسن أيضا في: ظننت زيداً قائمًا. ظننت زيدا في حالة كذا، فدل على أن نصبهما نصب الحال. وهذا إنما يدل على الحال مع وجود شروط الحال بأسرها، ولم يوجد ذلك لأنه من شروط الحال أن تأتي بعد تمام الكلام ولم يوجد ذلك في كان الناقصة التي وقع فيها الخلاف دون التامة التي بمعنى وقع، ولم يوجد أيضا في المفعول الثاني لظننت التي بمعنى الظن أو العلم التي وقع فيها الخلاف لا التي بمعنى التهمة، وكذلك من شروطها ألا تكون إلا نكرة وكثيرا ما يقع خبر كان والمفعول الثاني لظننت معرفة ولو كانا حالاً لما جاز أن يقعا إلا نكرة، فلما جاز أن يقعا معرفة دل على أنهما ليسا بحال. (197)
الأنواع التي تأتي عليها كان
هناك أنواع متعددة للفعل (كان)
1ـ من حيث العمل
2ـ من حيث المعنى
أولاً ـ أنواع الفعل كان من حيث العمل
الفعل كان من حيث العمل أنواعأً متعددة، فهو ينقسم إلى:
تام، ناقص، زائد، فهو قد يأتي تاماً وقد يأتي ناقصاً. وقد يأتي زائداً.
1 - الفعل (كان) الناقص
وهو الفعل الذي يحتاج إلى مرفوع ومنصوب.
مثال: قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً}. (198)
و (كان) الناقصة أصلها التمام.
مثال: قد كان الأمر، أي حدث، ولكنهم جعلوا دلالتها على الحدث وبقيت دلالتها على الزمان، وهذا أمر عارض لا تنقض به الحدود العامة. (199)
وكان الناقصة لها مصدراً
مثال (200)
ببذل وحلم ساد في قومه الفتى= وكونك إياه عليك يسير
2 - الفعل (كان) التام
وهو فعل يحتاج إلى مرفوع دون منصوب.
مثال: قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}. (201)
وعندما تأتي كان وأخواتها تامة وليست ناقصة يلغى عملها مثل:
مثال: قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}. (202)
مثال: قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (203)
في المثالين السابقين تعرب (ففتنة) فاعلاً.
مثال: قال تعالى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}. (204)
3 - الفعل (كان) الزائد
وهو فعل لا يحتاج إلى مرفوع ولا إلى منصوب. وإنَّما ساغ أن تزاد (كان) لأنَّها أشبهت الحروف في أنَّ معناها في غيرها. ولـ (كان) الزائدة فاعل مُضَمرٌ فيها تقديره كان الكون، على قول أبي سعيد السيرافي، ولا فاعل لها عند أبي عليّ. ومعنى زيادتها عند السيرافي في إلغاء عملها، لا لأنَّها تخلو من فاعل، وإنَّما لم يظهر ضمير فاعلها، لأن الضمير يرجع إلى مذكور فيلزم أن يكون لها اسم وإذا كان لها اسم كان لها خبر. (205)
ولا تقع الزائدة في أوَّل الكلام، لأنَّ الزائدة فرع ومؤكّد، وتقدَّمه يخلٌّ بهذا المعنى. (206)
وتكون توكيداً زائدة. مثل قولنا: زيد كان منطلق، إنما معناه: زيد منطلق.
وجاز إلغاؤها لإعتراضها بين المبتدأ والخبر. (207)
جواز زيادة الفعل (كان)
يجوز أن تأتي كن زائدة بشرطين:
أ ـ أن تكون بلفظ الماضي.
مثال: جاء الذي كان أكرمته.
ب ـ أن تكون بين شيئين متلازمين، لَيْسَا جاراً ومجروراً.
ذكر ابن عصفور أنها تزاد بين الشيئين المتلازمين
1ـ بين المبتدأ وخبره، مثل: زيد كان قائم.
2ـ بين الفعل ومرفوعه، مثل: لم يوجد كان مثلك. لَمْ يُوجَدْ كَانَ مِثْلُهُمْ
3ـ بين الصلة والموصول، مثل: جاء الذي كان أكرمته.
4ـ بين الصفة والموصوف، مثل: مررت برجل كان قائم. (208)
5ـ بين ما وفعل التعجب.
مثال: ما كان أحْسَنَ زيداً.
أصله: ما أحسن زيداً، فزيدت كان بين ما وفعل التعجب، ولا نعني بزيادتها أنها لم تدل على معنى ألبتة بل أنها لم يؤت بها للإسناد. (209)
فتزاد (كان) في التعجُّب، ولا فاعل لها عند أبي عليّ وإنَّما دخلت تدلُّ على المضيّ، وقال السيرافي: فاعلها مصدرها. وقال الزجَّاجي: فاعلها ضمير (ما). وهذا ضعيف لوجهين:
¥