تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خبر (كان) إذا كنيت عنه جاز أن يكون منفصلاً ومتصلاً والأصل أن يكون منفصلاً إذ كان أصله أنه خبر مبتدأ نقول: كنت إياه وكان إياي هذا الوجه لأن خبرها خبر ابتداء وحقه الإنفصال، ويجوز كأنني وكنته كقولك: (ضربني وضربته) لأنها متصرفة تصرف الفعل فالأول استحسن للمعنى والثاني لتقديم اللفظ.

قال أبو الأسود: (253)

فإنْ لا يَكُنْهَا أَوْ تَكُنْهُ فإنَّهُ = أَخُوها غَذَتهُ أُمهُ بِلِبَانِهَا

رفع الاسم والخبر بإهمال كان:

وهو إهمال ما تفعله كان في الجملة وهذا شاذ ولا يأتي كثيراً إلا في بعض أقوال الشعراء.

على سبيل المثال قولنا: كان زيد قائم.

بدون نصب كلمة (قائم).

وقال الشاعر:

إذا ما المرء كان أبوه عبس = فحسبك ما تريد من الكلام

رفع الأب على الابتداء وعبس خبره ولم يعبأ بما تحدثه كان في الجملة.

يقول آخر:

إذا مت كان الناس صنفان شامت = وآخر مثن بالذي كنت أصنع

حيث رفع كلمة صنفان بالألف لأنها مثنى وأهمل عمل كان في الجملة.

وقال آخر: (254)

وهي الشفاء لدائي لو ظفرت بها = وليس منها شفاء الداء مبذول

تعدي كان إلى المفعول

ومن الشواذ أيضاً وهو قليل، تعدي كان إلى المفعول، مثل: كنت زيدًا، ومثل: كأنني زيد، وهذا مثل: ضربت زيداً، وضربني زيد، ومن ذلك قولهم: إذا لم تكنهم فمن ذا يكونهم.

قال الشاعر:

فإن لم يكنها أوتكنه فإنه = أخوها غذته أمه بلبانها

وربما جعلوا النكرة اسمًًا والمعرفة خبرًا، فيقولون: كان رجل عمرًا، إلا أن النكرة أشد تمكناً من المعرفة، لأن أصل الأشياء نكرة، ويدخل عليها التعريف، والوجه أن تجعل المعرفة اسماً والنكرة خبراً.

قال القطامي:

قفي قبل التفرق يا ضباعا = ولا يك موقف منك الوداعا

وقال آخر: (255)

فإنك لا تبالي بعد حول = أظبي كان أمك أم حمار

وقال آخر:

ألا من مبلغ حسان عني = أطب كان ذلك أم جنون

وقال آخر:

كأن سلافة من بيت رأس = يكون مزاجها عسل وماء

وقال الفرزدق:

أسكران كان ابن المراغة إذ هجا = تميماً بجوف الشام أم متساكر

جعل المعرفة خبراً والنكرة اسماً. (256)

ويقال: كان القوم صحيح أبوهم، وأصبح القوم صحيح ومريض.

والوجه: صحيحًا ومريضًا، بالنصب على خبر كان، والرفع على معنى: منهم صحيح ومنهم مريض.

قال الشاعر:

فأصبح في حيث التقينا شريدهم = قتيل ومكتوف اليدين ومزعف

والمعنى: فأصبح شريدهم في حيث التقينا منهم قتيل ومنهم مكتوف اليدين ومنهم مزعف.

ومثله:

فلا تجعلي ضيفي ضيف مقرب = وأخر معزول عن البيت جانب

كأنه قال: لا تجعلي ضيفي أحدهما ضيف مقرب وآخر معزول.

النصب بإضمار كان

وهو النصب بتقدير كان في مضمون الجملة مع عدم ظهورها في أصل الجملة كتابة أو نطقاً.

نحو: فعلت ذاك إن خيراً وإن شرًا.

بمعنى: إن يكن فعلي خيرًا وإن يكن شرًا.

قال الشاعر:

لا تقربن الدهر آل مطرف = إن ظالما في الناس أو مظلوما

أي: إن كان الرجل في الناس ظالمًا أو مظلومًا.

وقال آخر: (257)

فأحضرت عذري عليه الأمير = إن عاذرا لي أو تاركا

بمعنى: إن يكن الأمير لي عاذرًا أو تاركاً.

وقد يجوز الرفع على إن يكن في فعلي خير أو شر.

قال الشاعر:

فإن يك في أموالنا لا نضق به = ذراعًا وإن صبرًا فنصبر للدهر

بمعنى: وإن يكن فيه الصبر صبرنا أو وقع صبر.

وقال آخر:

فتى في سبيل الله اصفر وجهه = ووجهك مما في القوارير اصفرا

بمعنى: كان اصفرا. (258)

ونحو: هذا تمرا أطيب منه بسرا.

أي: إذا كان تمرًا أطيب منه إذا كان بسرًا.

فإذا خالفت الكلام قلت هذا تمر أطيب منه العسل، وتقول: محمد فقيهًا أبصر منه شاعرًا، أي: إذا كان فقيهًا وشاعرًا. (259)

فإن أضمرت في (كان) الأمر أو الحديث أو القصة وما أشبه ذلك وهو الذي يقال له المجهول وكان ذلك المضمر اسم (كان) وكانت هذه الجملة خبرها، وعلى ذلك يجوز: كان زيداً الحمى تأخذ. وعلى هذا أنشدوا:

فَأَصْبَحُوا والنَّوى عَالي مُعَرّسِهم = وَلَيَس كُلَّ الّنوى يَلقَى المَسَاكِين

كأنه قال: وليس الخبر يلقى المساكين كل النوى ولكن هذا المضمر. (260)

ويضمر العامل في خبر كان، في مثل قولهم: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر، والمرء مقتول بما قتل به إن خنجرا فخنجر وإن سيفا فسيف أي: إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير وإن كان شرا فجزاؤه شر، والرفع أحسن في الآخر، ومنهم من يرفعهما ويضمر الرافع، أي: أن كان معه خنجر فالذي يقتل به خنجر.

قال النعمان بن المنذر: (261)

قد قيل ذلك ان حقا وان كذبا

ومنه: إلا طعام ولو تمرا، وائتني بدابة ولو حمارا، وإن شئت رفعت بمعنى: ولو يكون تمر وحمار، وادفع الشر، ولو إصبعا.

ومنه: أما أنت منطلقا انطلقت، والمعنى لأن كنت منطلقا، وما مزيدة معوضة من الفعل المضمر.

ومنه قول الهذلي: (262)

أبا خراشة أما أنت ذا نفر

رفع الكلمة المهمة في الجملة

ويرفعون ما كان أهم إليهم لا يبالون اسماً كان أم خبراً إذا جعلوه اسماً.

قال الشاعر:

وكنا الأيمنين إذا التقينا = وكان الأيسرين بند أبينا

وقال آخر:

لقد علم الأقوام ما كان داءها = بثهلان إلا الخزي ممن يقودها

جعل الخزي اسماً وداءها خبراً.

قال الله عز وجل: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}. (263)

وجواب ينصب ويرفع.

وقال عز وجل: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ}. (264)

ترفع عاقبتهما وتنصب. (265)

تأكيد كان بالمصدر

لا تؤكّد (كان) بالمصدر لأنَّ المصدر دالٌّ على الحدث والناقصة لا تدلُّ عليه وأجازه قوم على أن يكون المصدر لفظيّاً كالفعل المؤكّد وقولهم يعجبني كونُ زيد قائماً فهو مصدر التامَّة و (قائماً) منصوب على الحال. (266) ولا يجوز أن تبنى (كان) لما لم يُسمَّ فاعله. (267)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير