تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما ما ذكرته عن (كالوهم) فيبدو لي أن المعنى في الآية الكريمة لا يقبل تأويلاً غير الذي ذكرناه لك من أنه على تأويل: كالوا لهم، فالكيل لا يقع على الناس وإنما يقع على المكيل، حتى وإن كان الفعل (كال) في استعماله اللغوي العام يتعدى بالحرف وغيره، وكذلك الأمر مع الفعل (وزن)، فالوزن لم يقع على الناس إنما هو واقع على الموزون، والله أعلم.

أخي الكريم بل إن "كالوهم"فيها ثلاثة توجيهات متفاوتة في الرجحان.

ـــ التوجيه الأول: أن أصلها (كالوا لهم)، فحذف الجار وأوصل الفعل إلى الضمير فنصبه، وهو ما يدعى النصب على نزع الخافض.

التوجيه الثاني: أن الفعل (كال) مما سمع عن العرب لازما ومتعديا، والدليل عليه لغة أهل الحجاز؛ فلا حذف إذن.

التوجيه الثالث: أن الضمير "هم" في "كالوهم" هو توكيد للضمير المتصل (الواو)، وهو ضعيف؛ لذلك قال أبو عبيد فيما نقل عنه الشوكاني: ((والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين: إحداهما الخط، ولذلك كتبوها بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا "كالوا" أو "وزنوا" بالألف)).

أما عن التوجيه الثاني فلم آتِ بذلك من نفسي؛ فتأمل معي النقولات التالية:

قال ابن كثير: ((والأحسن أن يجعل "كالوا" و "وزنوا" متعديا، ويكون هم في محل نصب، ومنهم من يجعلها ضميرا مؤكدا للمستتر في قوله: "كالوا" و "وزنوا"، ويحذف المفعول لدلالة الكلام عليه، وكلاهما متقارب)).

وقال البغوي: ((أي كالوا لهم أو وزنوا لهم أي للناسُ يقال: وزنتك حقك وكلتك طعامك أي وزنت لك وكِلت لك، كما يقال: نصحتك ونصحت لك وكسبتك وكسبت لك)).

وقال الفراء: ((هو من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس يقولون: يكيلنا، يعني ويقولون أيضًا: كالَ له ووزن له. وهو يريد أن غير أهل الحجاز وقيس لا يقولون: كال له ووزن له، ولا يقولون إلاّ: كاله ووزنه، فيكون فعل كال عندهم مثل باع)).

والنقول في هذه المسألة لا تحصى كثرة.

ولزيادة الفائدة هناك تقسيم للفعل التام أورده الأستاذ عباس حسن؛ فذكر أنه ثلاثة أقسام: متعد، ولازم، ومسموعٌ يُستعمل متعديا ولازمًا، ومَثل على الأخير بـ"شكر" و"نصح". وأقول: ومثلهما في ذلك "كال" و"ووزن"، إذ جاء في بعض النقول السابقة قياسهما على الفعلين الأولين.

أما أن تقول، يا أخي الكريم، بالحرف الواحد: ((فيبدو لي أن المعنى في الآية الكريمة لا يقبل تأويلاً غير الذي ذكرناه لك من أنه على تأويل: "كالوا لهم"))، فمعناه أنك تحصر كل ما قيل من توجيه في "كالوهم" في تأويل واحد وتضرب بما سواه عُرض الحائط؛ فاقتصارك علي هذا التأويل ـ وإن رجحه بعض النحاة والمفسرين ـ مردود بالنقول السابقة.

أخي حامديُّ كيف يكون الاسم واجب النصب ويجوز فيه الرفع في آنٍ معاً، ثم كيف تقول: فيجوز فيهما الرفع على قلة؟؟

أخي الفاضل، ارجع إلى قولي الذي اقتبسته والمقصودِ بردك حتى يتبين لك أنك أبعدتَ النجعة.

قلتُ (وسأعيد اقتباس كلامي):

أما "مغربيا" و"رائدا" فهما عطفا بيان (وليسا مناديَيْن)، وحكمهما وجوب النصب؛ لأن التابع للمنادى المنصوب يجب نصبه مراعاة للفظ المتبوع، إلا في عطف النسق والبدل فيجوز فيهما الرفع على قلة ..

أين في كلامي السابق ما يدل على أنني قلتُ إن الاسم واجب النصب ويجوز فيه الرفع على قلة في آن واحد؟؟؟!.

انظر إلى الاستثناء، وفكر كيف جاءتك فكرة كهذه!!.

أظن أن مرجع الضمير في قولي: "فيجوز فيهما" هو الذي أتي منه سوء الفهم المذكور؛ إذ ظن الأخ الفاضل أنه يعود إلى الكلمتين المحكيتين "مغربيا" و "رائدا" وكنت قد حكيت وجوب نصبهما على العطف البياني لتبعيتهما للمنادى المنصوب، فظن التناقض في كلامي!!.

والحق أن مرجع الضمير كما هو واضح دون الحاجة إلى إمعان النظر، هو عطف النسق والبدل المخرجان من حكم وجوب النصب بأداة الاستثناء المذكورة.

فهل انجلى الإشكال أخي الكريم؟؟.

أخي العزيز .. لا يجوز أن تذكر الرفع مع البدل عطف النسق لأن الرفع من ألقاب الإعراب لا من ألقاب البناء، والبدل في هذا الموضع مبني على الضم بالوجوب وليس بجوازه على قلة كما ذكرت، وكذلك هو الحال مع عطف النسق،

بل أقصدُ الرفع نفسه، لا البناء على الضم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير